هل نفعل ما يكفي للحفاظ على خدمات الرعاية الصحية؟

07 آذار/مارس 2016
هل نفعل ما يكفي للحفاظ على خدمات الرعاية الصحية؟
ريف حمص، قرية الملاحة، الوحدة الصحية المتنقلة التي تدعمها اللجنة الدولية. طفلة تتلقى الرعاية الطبية الخاصة بالأطفال. V-P-SY-E-00437 /ICRC/KRZYSIEK P

مقال – علي نراغي، مدير مشروع الرعاية الصحية في خطر، اللجنة الدولية.

في 15 شباط/فبراير، قُصفت ثلاثة مرافق أخرى للرعاية الصحية في سورية. ومع استمرار دوي تلك التفجيرات في آذاننا، لا يمكن أن نقول إننا نقوم بما يكفي. لقد تعرض أكثر من 60% من مرافق الرعاية الصحية في سورية إما لضرر أو تدمير منذ بداية النزاع. ولو استمر هذا المعدل لن يبقى قريبا أمام المرضى والجرحى أي مكان يذهبون إليه.

وفي اليمن أيضا، تعرض أكثر من 100 مرفق طبي للهجوم خلال الأحد عشر شهرا الماضية منذ بداية النزاع. وأبلغ منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، ستيفن أوبراين، مجلس الأمن في 16 شباط/فبراير بأن قرابة 600 مرفق للرعاية الصحية – أي نحو 25% من الخدمات الصحية في البلد– قد أغلقت أبوابها. ونتيجة لذلك أصبح الآن عدد أماكن الحصول على العلاج من نقص التغذية الحاد أقل مما كان عليه بـ220 مكانا.

ولا يقتصر الأمر على سورية واليمن. فقد أشار تقرير الرعاية الصحية في خطر عن الحوادث العنيفة، الذي صدر في نيسان/أبريل 2015، إلى أن العنف الذي يستهدف طواقم الرعاية الصحية ومرافقها ومركباتها منتشر على نطاق واسع. فسُجل 2398 هجوما من هذا النوع فيما بين كانون الثاني/يناير 2012 وكانون الأول/ديسمبر 2014 في 11 بلدا فقط من البلدان المتضررة من النزاعات المسلحة. وهذا يشكل أكثر من هجومين في اليوم الواحد.

لابد من بذل المزيد

تُبذل حالياً جهود لمنع هذا العنف في إطار مبادرات من بينها الرعاية الصحية في خطر، ولكن لا بد من حشد المزيد من الناس والموارد. وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أي بعد شهر واحد من قصف مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان، أصدرت 18 منظمة من المنظمات المهنية والإنسانية المعنية بالرعاية الصحية - من بينها الجمعية الطبية العالمية والمجلس الدولي للممرضين والممرضات ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر- بيانا مشتركا بشأن حماية الرعاية الصحية. وحثت هذه المنظمات في تقريرها الدول والجماعات المسلحة والجهات الدولية والمحلية المعنية بالمجال الإنساني فضلا عن منظمات الرعاية الصحية المهنية على إيلاء اهتمام عاجل للتوصيات الواردة في مبادرة الرعاية الصحية في خطر.

وأعربت المنظمات الثماني عشرة عن قلقها من عدد وضراوة الهجمات الموجهة ضد طواقم الرعاية الصحية ومرافقها ومركباتها. ودقت ناقوس الخطر مطالِبة الدول بأن تتخذ إجراءات ملموسة من أجل: التحقيق في هذه الهجمات وإدانتها، وتعديل التشريعات المحلية لتوفير حماية أفضل لخدمات الرعاية الصحية، وتدريب العسكريين، والتعاون مع المنظمات العاملة في المجال الإنساني والرعاية الصحية لجعل الحصول على الرعاية الصحية أكثر أمنا للمرضى وتحسين نوعية تلك الرعاية. وينبغي بذل المزيد من الجهود المشتركة كي تكون لهذا الموضوع الصدارةُ في الفعاليات العالمية المقبلة مثل جمعية الصحة العالمية ومؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني، وكي يصبح على رأس جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

اتباع خريطة طريق واضحة

في كانون الأول/ديسمبر 2015، اجتمعت الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لحضور المؤتمر الدولي الثاني والثلاثين للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف، واعتمدت قرارا بشأن "الرعاية الصحية في خطر: مواصلة حماية تقديم خدمات الرعاية الصحية معا". وكما أوضح ألكساندر برايتيغر في مقاله: "خريطة طريق لحماية تقديم خدمات الرعاية الصحية" (خريطة طريق لحماية الرعاية الصحية)، يشكل هذا القرار أساسا قويا لمواصلة التعاون بين الدول والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وأوساط الرعاية الصحية ومجموعات أخرى. ويمكن استخدامه لاتخاذ تدابير ملموسة وعملية في كل بلد على حدة بغية منع العنف الموجه ضد تقديم الرعاية الصحية والتخفيف من آثاره.

من المهم بذل جهود مشتركة ومنسقة، غير أن من الأهمية بمكان أيضا أن تقدم كل دولة ومنظمة وجماعة عسكرية أو مسلحة مساهمات بشكل فردي من أجل الحفاظ على الرعاية الصحية. وقد كتب إيريك دي رودينبيك مقالا تحدث فيه عن التعهد الذي قدمه الاتحاد الدولي للمستشفيات في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر من أجل تحسين السلامة في المستشفيات. ولم يقتصر الأمر على منظمته: فقد قدمت الدول ومكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمراقبون الذين حضروا المؤتمر 35 تعهدا في هذا الموضوع بشكل فردي أو جماعي. وما زال هناك وقت لتقديم التعهدات (حتى نهاية آذار/مارس 2016) ومن ثم فالفرصة سانحة لكي نتساءل عما يمكننا القيام به. وينبغي أن نستمر في طرح هذا التساؤل على أنفسنا إلى أن يتم إسكات دوي القصف على المستشفيات.

 

إقرأ أيضاً :
اقرأ المقال المعنون: "خمس رسائل مستخلصة من أعمال اللجنتين المعنيتين بالرعاية الصحية في خطر" للسفير سيليكا
اقرأ المقال المعنون: "خريطة طريق لحماية تقديم خدمات الرعاية الصحية" لألكساندر برايتيغر
اقرأ المقال المعنون: "التعهد بجعل المستشفيات ملاذات آمنة" لإيريك دي رودينبيك

الرعاية الصحية في خطر مبادرة من مبادرات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، تهدف إلى جعل الحصول على الرعاية الصحية وتقديمها أكثر أمنا في النزاعات المسلحة أو حالات الطوارئ الأخرى. وتدعو هذه المبادرة إلى احترام وحماية طواقم الرعاية الصحية ومرافقها ومركباتها وإلى تنفيذ مجموعة من التوصيات والتدابير العملية للحفاظ على خدمات الرعاية الصحية ومهمتها الإنسانية. ويدعم هذه المبادرة عدد من الشركاء والأفراد والمنظمات، وأفراد من الأوساط المهتمة بالرعاية الصحية في خطر.