صفحة من الأرشيف: قد تحتوي على معلومات قديمة

القنابل العنقودية: خطر يهدد الحدائق اللبنانية

15-12-2006 تحقيقات

منذ منتصف عام 2006, لا تزال مساحات شاسعة من جنوب لبنان ملغّمة بذخائر غير منفجرة معظمها من القنابل العنقودية. وهي تطرح مشكلا مستمرا للمدنيين مثل حسين (في سن السبعين) الذي تشوَّه عندما سقطت عليه ذخيرة عنقودية صغيرة ("قنبلة متفجرة") من شجرة وانفجرت عليه

  ما المقصود بالذخائر العنقودية؟    
    القنبلة العنقودية علبة تحتوي على مئات من الذخائر الصغيرة المتفجرة (أو "القنابل المتفجرة") التي يمكن إسقاطها من الطائرات أو إطلاقها من قذيفة مدفع. وهي مصمَّمة للانفجار عند الاصطدام بشيء أو بعد فترة زمنية محددة.    
    ولكن الحقيقة أن غالبية الذخائر العنقودية لا تنفجر كما هو متوقع بل تبقى خطرا على الحياة حتى يتم تحريكها. ويزيد خطرها على المدنيين بسبب المساحة الشاسعة (المعروفة باسم "البقع المشبوهة") التي تستطيع قنابل عنقودية متأتّية من ذخيرة واحدة أن تغطيها.        
    ومنذ الحرب العالمية الثانية, استخدمت الذخائر العنقودية, بشكل أو بآخر, في نزاعات مختلفة في العالم. وتشمل المناطق التي عانت من تلوث كبير بالقنابل العنقودية أجزاء من لاو وفييت نام وكوسوفو وأفغانستان والعراق ولبنان.    
   
    الذخائر العنقودية واللجنة الدولية للصليب الأحمر    
    أبدت اللجنة الدولية, منذ سنوات عديدة قلقها إزاء الذخائر العنقودية. وفي المؤتمر الاستعراضي الثالث للأمم المتحدة الخاص بأسلحة تقليدية معينة والمنعقد في نوفمبر/تشرين الثاني 2006, أوضحت اللجنة الدولية بأن الأخطار الخاصة التي تطرحها هذه الأسلحة تستلزم اتخاذ تدابير عاجلة من الحكومات ولا سيما:    
    ـ التوقف الفوري عن استخدام ذخائر عنقودية غير دقيقة وغير مضمونة,    
    ـ حظر جميع الذخائر العنقودية الموجّهة ضد أي هدف عسكري واقع في منطقة معمورة بالسكان,    
    ـ التخلص من مخزونات الذخائر العنقودية غير الدقيقة وغير المضمونة في انتظار تدميرها, والامتناع عن نقل مثل هذه الأسلحة إلى بلدان أخرى.    
    وأبدت اللجنة الدولية استعدادها أيضا لاستضافة اجتماع دولي للخبراء في بداية عام 2007 بهدف البحث في تطوير قواعد جديدة للقانون الدولي الإنساني تنظم استخدام هذه الأسلحة تحديداً.    
    اقرأ     البيان الكامل     و     المقابلة     مع رئيس وحدة الألغام والأسلحة لدى اللجنة الدولية    
   
    شبكة المعلومات الإليكترونية عن الألغام - لبنان - باللغة الإنجليزية-    
 
©ICRC/A. Meier/lb-e-00592 
   
قنبلة عنقودية غير منفجرة في حقل للتبغ جنوبي لبنان. 
       
بعد مرور أقل من شهر من انتهاء العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل, كان حسين علي أحمد علي مهتما بالعناية بشجرة ليمون في المساحة المحيطة بمنزله الذي أعاد بناءه بعد أن تدمّر إثر القصف في قرية يحمر جنوب لبنان.

وما أن لمس حسين (في سن السبعين) الشجرة حتى سقطت منها قنبلة عنقودية صغيرة عليه فأدى الانفجار العنيف إلى إصابته في الجمجمة وتطاير جسمه وارتطم بالأرض في الحديقة. ومع أنه نجا بأعجوبة, فإن الإصابات أحدثت شللا في كامل

الجانب الأيسر من جسده وفقد قدرته على الكلام.

وتحكي سعاد إحدى بنات حسين الأربع قائلة: " إنه كان رجلا قويا يتميّز بروح لا يحسده عليها رجل في ربيع عمره. والحقيقة أنه نجا بفضل قوته تلك " .

وأثناء الحرب, هرب حسين وزوجته مثمنة إلى قعطة في الجبل. وكان ذلك قراراً حكيما إذ نجيا من الحريق الذي شبّ في المنزل إثر القصف والقنابل العنقودية الصغيرة التي انهارت على الحديقة, ولا يقل عددها عن 200 قنبلة. وعندما توقفت

العمليات الحربية, عاد حسين وزوجته إلى منزلهما ليشاهدا الأضرار المخلّفة ويعيدا بناء منزلهما وحياتهما.

وبدأ الزوجان أعمال البناء بعد أن قام خبراء إزالة الألغام بإخلاء خراب البيت والحديقة من أية ذخائر غير منفجرة. وكان المنزل على وشك الانتهاء بعد الأيام الطويلة التي خصصاها لذلك قبل أن يضطرهما الشتاء للقبوع في البيت.

قنبلة متفجرة في الشجرة

في الصباح الباكر من 9 سبتمبر/أيلول, كان حسين وزوجته يرتشيان القهوة أمام المنزل. فوقف حسين وأشار إلى زوجته مثمنة إلى أن شجرة الليمون في حاجة إلى تقليم.

وتحكي سعاد: " إنه لما اقترب من الشجرة وأمسك بالفروع التي كان يريد تقليمها سقطت عليه القنبلة. فنسفه الانفجار ورماه أرضا أمام أمي. ولمدة أيام لم نكن نظن أنه سيعيش " .

إن مثل هذه الحكاية حدث شائع في جنوب لبنان, أو بالأحرى يكاد أن يكون كذلك لأن حسين ومثمنة زوجان متقدمان في السن لهما بنات وثلاثة أبناء بالغون معظمهم متزوجون ولديهم أطفال, فحسين لم يعد يتكفّل بتأمين معاش أولاده, على خلاف ضحايا

آخرين.