اللاجئون والأشخاص المهجرون : القانون الدولي الإنساني ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر

30-04-1995 مقال، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد305، بقلم جان – فليب لافواييه

جان فيليب لا فواييه ولد سنة 1950 في برن (سويسرا) وحصل فيها على شهادة المحاماة سنة 1976.  وخلال الفترة المتراوحة بين 1984 و 1988, كان مندوبا للجنة الدولية في جنوب أفريقيا والصومال وأفغانستان.  وبعدما أمضى ثلاث سنوات في إدارة الشؤون القانونية, عمل في الكويت من 1991 إلى 1994.  وهو حاليا عضو في إدارة  الشؤون القانونية من جديد, ويسافر بانتظام في مهمات رسمية, لا سيما للسعي لنشر القانون الدولي الإنساني

  1- مقدمــة  

إن الغرض المنشود من إعداد هذه الدراسة المقتضبة هو في المقام الأول إبراز الأهمية التي يتسم بها القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقيات جنيف لسنة 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لسنة 1977, في نظر اللاجئين والأشخاص المهجرين داخل بلدانهم (والذين يشار إليهم فيما بعد بعبارة الأشخاص المهجرين).  وهذا الفرع من القانون الدولي لا يحمي هاتين الفئتين من الأشخاص فحسب في حالة وقوعهم ضحية للنزاعات المسلحة, بل أنه لو طبقت قواعده تطبيقاً دقيقاً لسمحت أيضاً بمنع أغلب حالات التهجير.

وينبغي أيضاً الإشارة في هذا الصدد إلى الدور الخاص الذي تؤديه اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمصلحة اللاجئين والأشخاص المهجرين, إذ أنه دور يجمع بين التدخل القانوني والعمل الميداني.  وعلاوة على ذلك, يرد فيما بعد شرح لاختصاص المؤسسات الأخرى الأعضاء في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (والمشار إليها فيما بعد بكلمة الحركة)(1).

ونستهل دراستنا بذكر بعض الأفكار الأساسية للقانون الدولي الإنساني, ثم نشرح باختصار اختصاص اللجنة الدولية, ونتناول إشكاليات اللاجئين والأشخاص المهجرين بالبحث من ناحية قانونية ومؤسسية, ونعرض في الختام بعض الملاحظات المتعلقة بالتفكير السائد حالياً بشأن الأشخاص المهجرين.

 

 

  2- القانون الدولي الإنساني  

إن القانون الدولي الإنساني الذي يطلق عليه أيضاً اسم قانون النزاعات المسلحة أو قانون الحرب يتكون من قواعد تستهدف في زمن الحرب حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن الاشتراك في الأعمال العدائية, فضلاً عن تقييد وسائل وسبل الحرب.  وهو قانون " واقعي " يأخذ أيضا في الحسبان المتطلبات الإنسانية التي تمثل مبدأ خفياً للقانون الإنساني برمته, علاوة على اعتبارات الضرورة العسكرية (2).

وتتمثل الصكوك الرئيسية للقانون الإنساني في اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949 وفي بروتوكوليها الإضافيين المؤرخين في 8 يونيه/حزيران 1977.  وتحمي اتفاقيات جنيف الأشخاص التالي ذكرهم: جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة (الاتفاقيتان الأولى والثانية), وأسرى الحرب (الاتفاقية الثالثة), والسكان المدنيون لا سيما في أراضي العدو وفي الأراضي المحتلة (الاتفاقية الرابعة).  أما البرتوكولان الإضافيان, فإنهما عززا خاصة حماية السكان المدنيين من عواقب الأعمال العدائية, وقيدا أيضاً الوسائل والسبل المستخدمة في حالة الحرب.

وفي الوقت الراهن, جميع الدول تقريباً هي أطراف في اتفاقيات جنيف لسنة 1949 (3).  وقد ثبت اليوم الاتجاه إلى صبغ البروتوكولين الإضافيين بصبغة عالمية (4).  ويشمل القانون الدولي الإنساني نظامين للحماية, هما:

  • النزاعات المسلحة الدولية التي تطبق فيها اتفاقيات جنيف والبرتوكولين الأول لسنة 1977;

  • النزاعات المسلحة غير الدولية , إذ تطبق المادة الثالثة  المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكول الثاني لسنة 1977 في هذه الحالات التي ينشب فيها نزاع داخلي أو حرب أهلية (5).

 

ومن بين معاهدات القانون الإنساني المتعلقة باستعمال أسلحة معينة , تجدر الإشارة إلى الاتفاقية المهمة التي أبرمت في سنة 1980 بشأن حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة, والتي يقيد أحد بروتوكولاتها الثلاثة استعمال الألغام.

وتتحمل الدول مسؤولية جماعية بالنسبة إلى احترام الدول الأخرى وحركات المعارضة المسلحة لاتفاقيات جنيف وبروتوكوليها(6).  كما أنها تلتزم بمقاضا ة الأشخاص المتهمين بارتكاب مخالفات جسيمة أمام محاكمها, ويجوز لها أيضاً تسليمهم لدولة أخرى لمحاكمتهم فيها (7).

وعلى الرغم من أن القانون الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان يمثلان فرعين متمايزين من فروع القانون الدولي العام, فإنهما يصبوان إلى تحقيق هدف مشترك, ألا وهو حماية الإنسان.  ويحمي القانون الإنساني حقوق الإنسان الأساسية في حالات الشدة القصوى التي تمثلها النزاعات المسلحة.  ولذلك, يجب النظر بروح تكاملية في هذين المجالين اللذين ينبغي أن يضاف إليهما قانون اللاجئين.

وبالنسبة إلى الحالات التي تندلع فيها الاضطرابات وأعمال العنف التي لا يشملها القانون الإنساني, ينبغي الاعتماد على القانون الدولي لحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الأساسية, التي تم الجمع بينها على الأخص في " الإعـلان عن القواعد الإنسانيـة الدنيـا " الذي اعتمد في توركو (Turku) بفنلندا سنة 1990 (8).

وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها أحكاما دقيقة للغاية.  وسنكتفي فيما يلي بتلخيص بعض قواعد السلوك المهمة بصورة خاصة والمطبقة في كل النزاعات المسلحة:

  • يتمتع الأشخاص الذي لا يشاركون أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية مثل الجرحى والمرضى والأسرى والمدنيين بالرعاية والحماية في جميع الأحوال;

  • يجب معاملة المدنيين معاملة إنسانية; ويحظر خاصة الاعتداء على حياتهم, كما يحظر أي شكل من أشكال التعذيب والمعاملة السيئة, وأخذ الرهائن, وإصدار أحكام دون محاكمة عادلة;

  • يجب أن تميز القوات المسلحة دوماً بين الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية من جهة, والمقاتلين والأهداف العسكرية من جهة أخرى, ويحظر مهاجمة المدنيين والأعيان المدنية; وينبغي اتخاذ كل التدابير الاحتياطية للإبقاء على حياة السكان المدنيين;

  • يحظر مهاجمة أو تدمير المواد الاستهلاكية والأعيان اللازمة للإبقاء على حياة السكان المدنيين (ومثال ذلك المواد الغذائية والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري); كما يحظر تجويع المدنيين كوسيلة للحرب;

  • ينبغي إيواء وعلاج الجرحى والمرضى; كما ينبغي احترام وحماية المستشفيات وسيارات الإسعاف وأفراد الخدمات الطبية والدينية; وينبغي في جميع الأحوال احترام شارة الصليب الأحمر والهلال الأحمر , التي هي رمز لهذه الحماية, والمعاقبة على أي سوء استعمال لها;

  • على أطراف النزاع أن تقبل عمليات إغاثة السكان المدنيين ذات الطابع الإنساني غير المتحيز وغير التمييزي, وينبغي احترام وحماية العاملين في وكالات الإغاثة.

 

  3- اختصاص اللجنة الدولية للصليب الأحمر  

أنشئت اللجنة الدولية في سنة 1863, وكلفها المجتمع الدولي بموجب اتفاقيات جنيف وإثر ممارسات طويلة " بالعمل على التطبيق الدقيق للقانون الدولي الإنساني " (9).

وتحقيقاً لهذا الغرض, فإنها تسعى لدى كل أطراف النزاع, أي السلطات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة, لضمان احترام هذا القانون احتراماً كاملا.  وهي تقدم لها ملاحظاتها واقتراحاتها, وتذكرها عند الضرورة بالتزاماتها.  وتحاول إقامة علاقة ثقة مع المتحاربين, وتباشر عندئذ مراقبتها التي تدخل في نطاق اختصاصها,  وإذا كانت المعالجة السرية لملاحظاتها تنجم عن عزمها على التعاون وزيارة الأشخاص الذين ترغب في حمايتهم ومساعدتهم, إلا أن هذا المبدأ ليس مطلقا, كما تشهد على ذلك التنديدات العامة العديدة المتعلقة خاصة بالنزاعات الناشبة في يوغوسلافيا السابقة ورواندا (10).

ولكي تتمكن اللجنة الدولية من أداء مهمتها على خير وجه كحارس للقانون الدولي الإنساني, فإن اتفاقيات جنيف تمنحها الحق في زيارة أسرى الحرب والمدنيين المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (11), كما تمنحها الحق في اتخاذ مبادرات عديدة (12).  وفضلا عن ذلكن يجوز للجنة الدولية أن تتصرف كبديل للدولة الحامية في حالة غيابها (13).  كما كفلت وفقا للنظام الأساسي المنطبق في المنازعات المسلحة , وإعداد أي تطوير له " .

كما عهدت الدول إلى اللجنة الدولية بمهمة توفير الحماية والمساعدة لضحايا النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية ونتائجها المباشرة (14).  وقد باشرت اللجنة الدولية أنشطة ميدانية عديدة في هذا الصدد, وعلى الأخص في الحالات التي نشبت فيها أعمال العنف في بلد ما (وخاصة في النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية) (15).

وقد سردت المهمات الأخرى التي تدخل في نطاق اختصاص اللجنة الدولية في النظام الأساسي للحركة, لاسيما صون ونشر المبادئ الأساسية للحركة (16) وتأمين عمل الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين (17).

ويتوفر للجنة الدولية أخيراً حق اتخاذ المبادرات الإنسانية, المنصوص عليه في النظام الأساسي للحركة العرفي الطابع, مما يسمح لها بتقديم خدماتها عندما ترى أن من شأن وضعها القانوني كوسيط محايد ومستقل على وجه التحديد أن يسهم في حل مشكلات إنسانية  (18).

أما في الحالات التي لا يشملها القانون الإنساني, أي عند نشوب الاضطرابات مثلاً, فإن اللجنة الدولية تستند عند مزاولة أنشطتها إلى المبادئ الإنسانية المعترف بها عالمياً, بل تستند أيضاً إلى حقوق الإنسان التي لا يجوز مخالفتها إطلاقا ( " النواة الصلبة " ), أو إلى غير ذلك من حقوق الإنسان.

إن دور الوسيط المحايد والمستقل الذي تؤديه اللجنة الدولية هو الذي يميز عملها في نهاية الأمر, إذ أنها تؤدي دور الوسيط بين الدول , بل كذلك بين ضحايا النزاعات المسلحة أو الاضطرابات الداخلية والدولة أو المعارضة المسلحة.

وهذه المسؤوليات العديدة التي تضطلع بها اللجنة الدولية تجعل منها منظمة ذات وضع قانوني خاص للغاية.  وإذا كانت في حقيقة الأمر هيئة خاصة غير حكومية الطابع, إلا أن المهمات التي عهد به إليها القانون الدولي منحها وجهة دولية, مما أدى إلى الاعتراف بها عادة كشخصية قانونية دولية .  وفي سنة 1990, منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة للجنة الدولية صفة المراقب (19).  وأبرمت اللجنة الدولية مع العديد من الدول التي تمارس نشاطها فيها اتفاقات مقر منحت بموجبها حصانات وامتيازات عديدة, مما شبهها بالمنظمات الدولية الحكومية (20).

 

  4- اللاجئــــــون  

     

4-1 الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني

يتضمن قانون اللاجئين تعريفاً دقيقاً للاجئ (21).  وعلى العكس, فإن القانون الإنساني لا يزال غامضاً للغاية في هذا الشأن, بل نادراً ما يُستخدم هذا المصطلح .  غير أن هذه الملاحظة لا تعني أن القانون الإنساني يهمل اللاجئين, حيث إنهم يتمتعون بالحماية إذا كانوا تحت سلطة أحد أطراف النزاع.

ففي حالة نشوب نزاع مسلح دولي, يتمتع مواطنو أي بلد بعد فرارهم من الأعمال العدائية واستقرارهم في بلد العدو بالحماية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة, على أساس أنهم أجانب يقيمون في أراضي طرف في النزاع (المواد من 35 إلى 46 من الاتفاقية الرابعة ).  وتطلب الاتفاقية الرابعة إلى  البلد المضيف معاملة اللاجئين معاملة تفضيلية, والامتناع عن معاملتهم كأجانب أعداء على أساس جنسيتهم لا غير, نظراً إلى أنهم لا يتمتعون كلاجئين بحماية أية حكومة (المادة 44 من الاتفاقية الرابعة).  وقد عزز البرتوكول الأول هذه القاعدة , فذكر أيضاً حماية عديمي الجنسية (المادة 73 من البرتوكول الأول).  ويتمتع اللاجئون من بين مواطني أي دولة محايدة في حالة إقامتهم في أراضي دولة محاربة بالحماية بموجب الاتفاقية الرابعة, وذلك إذا لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين دولتهم والدولة المحاربة.  وتحافظ المادة 73 من البرتوكول الأول على هذه الحماية حتى إذا كانت العلاقات الدبلوماسية موجودة.

وتقضي اتفاقية جنيف الرابعة من جهة أخرى بأنه " لا يجوز نقل أي شخص محمي في أي حال  إلى بلد يخشى فيه الاضطهاد بسبب آرائه السياسية أو عقائده الدينية " ( مبدأ عدم جواز الطرد , المادة 45, الفقرة 4 من الاتفاقية الرابعة).

وفي حالة احتلال أراضي دولة ما, فإن اللاجئ الذي يقع تحت سلطة الدولة التي هو أحد مواطنيها يتمتع أيضا بحماية خاصة, إذ أن الاتفاقية الرابعة تحظر على دولة الاحتلال القبض على هذا اللاجئ, بل تحظر عليها محاكمته أو إدانته أو إبعاده عن الأراضي المحتلة (المادة 70, الفقرة 2, من الاتفاقية الرابعة).

بيد أن مواطني أي دولة الفارين من نزاع مسلح للإقامة في أراضي دولة لا تشترك في نزاع دولي لا يتمتعون بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني (22), ما لم تقع الدولة الأخيرة بدورها فريسة لنزاع مسلح داخلي.  ويتمتع اللاجئون عندئذ بالحماية بناء على المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف وأحكام البرتوكول الثاني.  وفي هذه الحالة, يقع هؤلاء ضحية لحالتين من النزاع : أولا في بلدهم , ثم في البلد المضيف.

 

4-2  دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر

بالنسبة إلى قانون اللاجئين وإجراءات الحماية والمساعدة , تؤدي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دوراً أساسياً تحقيقاً لمصلحة اللاجئين .

أما اللجنة الدولية, فإنها ترى نفسها مسؤولة مباشرة عن مصير اللاجئين الذين هم ال ضحايا المدنين للنزاعات المسلحة أو للاضطرابات , بل عن نتائجها المباشرة, والتي تدخل في حد ذاتها في نطاق اختصاصها (23).  ويتوقف عمل اللجنة الدولية المخصص لهؤلاء اللاجئين بصورة خاصة على حمايتهم بموجب القانون الدولي الإنساني .

وتتدخل اللجنة الدولية فيما يخص اللاجئين الذين يشملهم القانون الإنساني لكي يطبق المتحاربون القواعد ذات الصلة لاتفاقية جنيف الرابعة.  وتحاول في مجال عملها الميداني أن تزور هؤلاء اللاجئين استنـاداً إلى اتفاقية جنيف الرابعة, وتوفر لهم الحمايـة والمساعدة الضرورية (24).

وغالباً ما لا يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب القانون الإنساني, كما سبق بيان ذلك,  نظراً إلى أن البلد المضيف ليس طرفاً في نزاع مسلح دولي أو ليس عرضة لأي نزاع داخلي.  ويتمتع اللاجئون عندئذ بالحماية بموجب قانون اللاجئين وحده, وينتفعون بأنشطة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.  وكقاعدة عامة, لا تتدخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذه الحالة إلا بصفة فرعية, إن كانت المنظمة الوحيدة في ميدان العمل (25).  أما إذا حلت محلها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات, فإنها تنسحب من ميدان العمل لتخصص جهودها للمهمات التي يمكن لها أن تفيد من عملها المميز, وتقدم خدمات وكالتها المركزية للبحث عن المفقودين للاجئين في كل وقت.  وفضلاً عن ذلك, فقد ابتكرت برامج طبية جراحية في زمن الحرب للاجئين الجرحى (26).  ومع ذلك, فإنها تشعر بأنها معنية عندما يواجه اللاجئون مشكلات أمنية خطيرة في البلدان المضيفة, لا سيما إذا تعرضت مخيماتهم الواقعة بالقرب من الحدود لأعمال العنف, بل حتى لعمليات عسكرية (27).  وفي هذه الحالات, تجد اللجنة الدولية نفسها في وضع يمكنها من أداء دور الوسيط المحايد والمستقل, وتتوفر لها اختصاصات مماثلة لاختصاصات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.  أما مشكلات الأمن في  مخيمات اللاجئين , فإنه تجدر الإشارة إلى وجهيها التاليين: تحديد مكان المخيمات في المناطق الخطرة المعرضة للأعمال العدائية بالقرب من الحدود من جهة, وتواجد المحاربين في مخيمات اللاجئين من جهة أخرى.  ولا شك في أن القانون الدولي الإنساني يوفر بعض الحلول للتغلب على هذه المشكلات الأمنية, ولكن يجب أولا وقبل كل شئ احترام هذا القانون.

وعندما تختص اللجنة الدولية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعمل, فإنهما تؤديان عملهما معه ا, ويسمح تشاورهما وتنسيق جهودهما على نحو وثيق بإغاثة الضحايا على أفضل وجه.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الدور المهم الذي تضطلع به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر, فضلاً عن اتحادها, في عمليات المساعدة المقدمة للاجئين.

وتمثل مسألة إعادة اللاجئين إلى أوطانهم من المشاغل الرئيسية للجنة الدولية. ففي واقع الأمر, حتى إذا لم تكن تشارك كقاعدة عامة في عمليات إعادة اللاجئين إلى أوطانهم (28), فإنها ترى أنه يجب على الدول والمنظمات المعنية أن تحدد بالضبط موعد وشروط عودة اللاجئين إلى أوطانهم.  ولا جدال في أن معرفتها التامة بالبلد الأصلي للاجئين تسمح لها بتكوين فكرة مفصلة وبتقديم توصيات بشأن عودة اللاجئين إلى أوطانهم مع ضمان أمنهم وكرامتهم.  وقد حذرت اللجنة الدولية أكثر من مرة من مخاطر الإعادة المبكرة إلى الوطن في المناطق غير المستقرة أو في المناطق التي دمرت فيها البني الأساسية (29).

وينبغي أن نذكر هنا إشكالية الألغام المضادة للأفراد التي تضر آثارها المخربة بالسكان المدنيين على الأخص.  وإذا كانت هذه الألغام تتسبب أحياناً في تهجيير الأهالي , فإنها تتسبب أيضاً في إعاقة تعمير البلدان التي عانت من ويلات الحرب, وتمثل أيضاً عائقاً كبيراً لعودة اللاجئين والمهجرين إلى أوطانهم  وترى اللجنة الدولية أن الحظر التام للألغام المضادة الأفراد سيسمح وحده بوضع حد لهذه الآفة الحقيقية.

 

  5- الأشخاص المهجرون داخل بلدانهم  

     

5-1 الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني

يتمتع السكان المدنيون في حالة نشوب نزاع مسلح, كما سبق بيانه, بحصانة من شأنها أن تضعهم بقدر الإمكان في مأمن من آثار الحرب .  وحتى في زمن الحرب, ينبغي أن يتمكن الأهالي من العيش عيشة عادية بقدر الإمكان, وينبغي خاصة أن يتمكنوا من البقاء في أراضيهم, لأن ذلك يمثل أحد الأهداف الأساسية للقانون الدولي الإنساني.

وإذا أرغم أحد المدنيين على ترك موطنه بسبب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني, فإنه يتمتع بالحماية بموجب هذا القانون من باب أولى.  ويجو ز أن تتعلق هذه الحماية بالقانون المطبق في النزاعات المسلحة الدولية أو في النزاعات المسلحة الداخلية, لأن هذه النوعين من النزاعات قد يؤديان إلى تشريد السكان داخل بلدهم.

وبالنسبة إلى عمليات التهجير الناجمة عن أي نزاع مسلح دولي, فإن الأشخاص المهجرين بصفتهم مدنيين هم موضع حماية مفصلة للغاية من آثار الأعمال العدائية.  فالبرتوكول الأول يخصص لمسألة الحماية فصلاً مهماً (المادة 48 وما يليها).  وفضلاً عن ذلك, يحق للسكان المدنيين الحصول على المواد الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة (المادة 23 من الاتفاقية الرابعة, والمادة 70 من البروتوكول الأول).  وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة إلى سكان الأراضي المحتلة (المادة 55 والمادة 59 وما يليها من الاتفاقية الرابعة, والمادة 69 من البروتوكول الأول).  ولا يجوز من جهة أخرى ترحيل السكان خارج الأراضي المحتلة (30).  وينتفع السكان المدنيون عموماً بالضمانات الأساسية المنصوص عليها في المادة 75 من البروتوكول الأول.

وإذا فر السكان المدنيون من مواطنهم بسبب نزاع مسلح داخلي, فإنهم يصبحون موضع حماية مشابهة للغاية للحماية المنصوص عليها في حالة نشوب نزاع مسلح دولي.  وإذا كانت المبادئ الأساسية لهذه الحماية موضحة تماماً, إلا أنه ينبغي التسليم بأن القواعد لم تحدد بما فيه الكفاية.  ولما كانت النزاعات المسلحة الداخلية أكثر شيوعاً اليوم, فإننا سنسرد فيما يلي القواعد ذات الصلة على نحو تفصيلي إلى حد ما (31).

إن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع هي حجر الزاوية لتلك الحماية, وتتضمن بصورة مقتضبة للغاية بعض المبادئ الأساسية.  فبعدما ذكر فيها أن الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية ينبغي أن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية, قضت بحظر التصرفات التالية: الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية (وبخاصة القتل بجميع أشكاله, والتعذيب, والتشويه والمعاملة القاسية), وأخذ الرهائن, والاعتداء على الكرامة الشخصية (وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة), وإصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً, وتكفل جميع الضمانات القضائية الأساسية.  وفضلاً عن ذلك, ينبغي إيواء المرضى والجرحى والاعتناء بهم.

وهذه الضمانات الأساسية واردة أيضاً في البروتوكول الثاني الذي ينص على الضمانات الواردة في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف, ويحظر على الأخص العقوبات الجماعية وأعمال الإرهاب والسلب (المادة 4 (1) و (2)).  وفضلاً عن ذلك, فإن حظر الاعتداء على الكرامة الشخصية يشمل صراحة " الاغتصاب والإكراه على الدعارة وكل ما من شأنه خدش الحياء " .  ويتمتع الأشخاص الذين قيدت حريتهم بضمانات إضافية (المادة 5).  كما تنص المادة 6 على ضمانـات قضائية.  ويتمتع المرضى والجرحى بالاحترام والحماية (المواد من 7 إلى 12).  ومن المنصوص عليه أخيراً حماية خاصة للنساء والأطفال (المادة 4 (3) على الأخص).

وفضلاً عن ذلك, يحمي البرتوكول الثاني السكان المدنيين من عواقب الأعمال العدائية.  وهكذا يتمتع السكان المدنيون بحماية عامة من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية (المادة 13). ولا ينبغي خاصة أن يكونوا عرضة للهجمات.  ومن المحظور أيضاً " أعمال العنف أو التهديد بها الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين " .

ومن جهة أخرى, " يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال " (المادة 14).  ومن ثم يحظر (...) مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة " (مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري).  ومن المحظور أيضاً مهاجمة الأشغال والمنشآت الهندسية التي تتضمن قوى خطرة, أي السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية, إذا تسبب ذلك في إلحاق خسائر جسيمة بالسكان المدنيين (المادة 15).  وتتمتع الأعيان الثقافية وأماكن العبادة بالحماية أيضاً  (المادة 16).

كما يحظر البرتوكول الثاني الترحيل القسري للمدنيين , إذ لا يجوز الأمر بترحيلهم إلا بصفة استثنائية, إذا تطلبت ذلك دواعي الأمن أو أسباب عسكرية مُلحة.  وفي هذه الحالة,  " يجب اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لاستقبال السكان المدنيين في ظروف مُرضية من حيث المأوى والأوضاع الصحية الوقائية والعلاجية والسلامة والتغذية " (المادة 17).  ومن المفهوم ضمناً من الطابع الاستثنائي للترحيل أن هذا التدبير لا يجوز إلا أن يكون مؤقتاً حتى وإن لم ينص هذا الحكم على ذلك صراحة.

وأخيراً, إذا حرم السكان المدنيون من المواد الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة (كالأغذية والمواد الطبية), فإنه ينبغي تنفي ذ " أعمال الغوث ذات الطابع الإنساني والحيادي البحت وغير القائمة على أي تمييز مجحف " بموافقة الدولة المعنية (32).

وبالنسبة إلى مسألة تسيير الأعمال العدائية, اعتمد معهد سان ريمو الدولي للقانون الإنساني في سنة 1990 " إعلاناً بشأن قواعد القانون الإنساني المتعلقة بتسيير الأعمال العدائية في النزاعات المسلحة غير الدولية " . ويتضمن هذا الإعلان مبادئ عامة عن تسيير الأعمال العدائية, بالإضافة إلى بعض القواعد المتعلقة باستعمال أسلحة معينة.

 

ومن الملاحظ بالتالي أن القانون الدولي الإنساني يعتمد نهجاً شاملاُ يستهدف الحفاظ على حياة السكان المدنيين كافة.  إذا لم تذكر فيه مسألة ترحيل السكان المدنين إلا نادرا, فإن ذلك لا يعني إطلاقا أنه لا ينص على الحماية القانونية, إذ أن احترام القانون ينبغي على العكس أن يسهم في تفادي الترحيل القسري.

وبطبيعة الحال , لا يمكن أبدا أن تكون الحماية القانونية كاملة, بل حتى لو روعيت جميع قواعد القانون الإنساني لجرت عمليات ترحيل السكان (33).  ومع ذلك, فإن من شأن احترام القواعد ذات الصلة أن يسمح بتفادي معظم حالات الترحيل التي تسببها الحرب, إذ أن الحرب هي اليوم السبب الرئيسي للترحيل القسري للسكان.

ولذلك, فمن الضروري أن تصبح الدول التي لم تلتزم بعد باتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين أطرافاً في هذه الصكوك, وأن يفي المتحاربون بالتزاماتهم ويطبقون القواعد التي تعهدوا بمراعاتها تطبيقاً أميناً.

إننا لن نشدد أبداً بما فيه الكفاية على الالتزام بالتعريف بالقانون الإنساني لدى أفراد القوات المسلحة خاصة, بل كذلك لدى السكان المدنيين عامة, لأن نشر قواعد القانون الدولي الإنساني هو تدبير وقائي مهم.

 

5-2   دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر

إن إشكالية الأشخاص المهرجين تستوقف اهتمام اللجنة الدولية على أساس أنها المسؤولة عن تعزيز وحفظ القانون الدولي الإنساني , وأنها الوكالة التنفيذية التي توفر الحماية والمساعدة لضحايا النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية (34).

إن اللجنة الدولية, إذ تعمل في آن واحد على التدخل قانونياً لدي المتحاربين وعلى أداء مهمتها في ميدان العمل, تسعى قبل كل شئ للسماح للسكان المدنيين بالمكوث في مساكنهم بقدر الإمكان م ع ضمان سلامتهم وكرامتهم.  ويتضمن عملها بالتالي جانباً وقائياً مهماً.  وتكشف جسامة عمليات التهجير عن مصاعب المهمة التي تضطلع بها اللجنة الدولية,, وعن الصعوبات الجمة التي تواجهها للتخفيف من حدة الأعمال التعسفية والتجاوزات التي تلحق بالسكان المدنيين.  بيد أن العمل الإنساني يؤدي دوراً مهماً , نظراً إلى أنه يكبح أعمال العنف ويسهم في تفادي تدهور الأوضاع تدهوراً متزايداً.

إن الأشخاص المهجرين بصفتهم ضحايا للنزاعات المسلحة أو الاضطرابات يدخلون في اختصاص اللجنة الدولية بكل تأكيد, ويستفيدون عندئذ من أعمال الحماية والمساعدة التي توفر للسكـان المدنيين عامة, والتي قد يكون من المفيـد تلخيصها باقتضاب شديد على النحـو التالي(35).

  • حماية السكان المدنيين; واحترام القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية;

  • زيارة الأشخاص المحرومين من الحرية (36);

  • تقديم المساعدات الطبية العاجلة وإعادة التأهيل (جراحة وتقويم الأعضاء ومساندة الهيئات الطبية الخ.);

  • تقديم المساعدة في مجال الصحة, وخاصة تدبير المياه الصالحة للشرب;

  • توفير المواد الغذائية العاجلة وغيرها من المساعدات التي تشمل الاحتياجات الأساسية (مثل مواد الحماية والمنتجات التصححية وتوزيع البذور والأدوات الزراعية والأدوات اللازمة لصيد الأسماك وتطعيم الماشية) (37).

  • مباشرة الأنشطة الرامية إلى إعادة الاتصالات بين أفراد العائلات المشتتة بسبب الحرب أو الاضطرابات , أو تيسير جمع شملهم (38).

 

وبإمكان اللجنة الدولية أيضاً أن تعرض مساعيها الحميدة لتسهيل الاتصال بين الأطراف المتنازعة (بنقل رسائل ذات طابع إنساني مثلاً) أو لإبرام اتفاقات إنسانية (اتفاقات خاصة مثلا لتمديد إمكانية تطبيق القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة الداخلية, أو للسماح بإجلاء الجرحى).

ومن الملاحظ أن اللجنة الدولية ترى أن مفهومي الحماية والمساعدة يرتبطان ارتباطاً وثيقاً , ولا يمكن الفصل بينهما في الواقع (39).

إن اللجنة الدولية غالباً ما تضطر إلى تطوير عملياتها لمساعدة الأشخاص المهجرين عند نشوب النزاعات المسلحة.  ففي واقع الأمر, الحالات التي تجرى فيها الأعمال العدائية – أي الحالات التي تتضاعف فيها الأخطار والاحتياجات الإنسانية بالت الي – هي الحالات التي غالبا ما تكون فيها اللجنة الدولية في وضع يسمح لها بالتصرف على أحسن وجه, على أساس حق المبادرة المعترف لها به, وبفضل مركزها الحيادي المستقل.  ولا شك في أن ذاتيتها واتصالاتها شبه الدائمة بجميع أطراف النزاع تسمح لها عادة بالاتصال بالضحايا الذين عهد إليها بحمايتهم ومساعدتهم, سواء كانوا في المناطق التي تسيطر عليها السلطات الحكومية أو جماعات المعارضة المسلحة.  وتتعاون اللجنة الدولية في هذا الشأن مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بقدر الإمكان.

وأعدت اللجنة الدولية مؤخراً سلسلة من الأنشطة المهمة لمصلحة الأشخاص المهجرين, لا سيما في رواندا والشيشان.  ففي رواندا , اهتمت برعاية ما يزيد على مليون مدني أغلبهم من بين الأشخاص المهجرين (40).  وفي الشيشان, سمحت أنشطتها بالوصول إلى مئات الآلاف من الأشخاص المهجرين في الغالب.  وفي هاتين الحالتين وبصفة عامة, لم يكن عمل اللجنة الدولية يستهدف هذه المجموعة من الأشخاص فحسب, بل كان يندرج أيضاً في مجمل الجهود المبذولة لمساعدة السكان المدنيين.

ويمكن لنا أن نتساءل إذا كان من المناسب اللجوء إلى آليات من شأنها تحسين حماية السكان المدنيين والأشخاص المهجرين خاصة من أضرار الأعمال العدائية.  ولهذا الغرض, اقترح البعض إنشاء مناطق تتمتع بحماية خاصة, كما ينص على ذلك القانون الدولي الإنساني (41) أو كما يستوحي منه.  غير أن الممارسات كشفت عن الصعوبات الكبرى التي تحول دون الاستفادة من هذه المناطق , ولا سيما توفير الأمن الفعلي فيها, نظراً إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على هذه المناطق , والاعتماد على عدد غفير من الموظفين بالتالي.  وقد تبين أن من الميسور إنشاء مناطق الأمن إن حظيت بقبول جميع الأطراف المعنية, حيث إن المناطق المحمية التي تفرض فرضاً على الأطراف لا تلبى على كل حال متطلبات القانون الدولي الإنساني .  وقد نجحت اللجنة الدولية من جهتها في تحييد مساحات محدودة بعد ما وضعتها تحت رقابتها, وذلك في بعض الحالات العاجلة للغاية وبعد الحصول على موافقة جميع الأطراف .

ويجب الحذر حذراً شديداً عند إنشاء مناطق أمن, لأنها ربما تدعو إلى شعور الأشخاص المفروض حمايتهم فيها بالأمن الكاذب, بل ربما تعرض في بعض الأحوال السكان المتواجدين خارج هذه المناطق لأضرار متزايدة, مما يعني فقدان الطابع المطلق للقانون الدولي الإنساني الذي يحمي السكان المدني ين كافة دون أي تمييز.

وفضلاً عن ذلك, ينبغي السهر على ألا تحد هذه الآليات من حق الأشخاص المهجرين في ترك بلدانهم وطلب اللجوء في الخارج.

     

  6- الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر  

عندما نذكر الأعمال المنجزة لمصلحة اللاجئين والأشخاص المهجرين , ينبغي لنا أن نأخذ في الحسبان أيضاً الجهود التي تبذلها بقية المؤسسات الأعضاء في الحركة, أي الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتحادها.  ففي الواقع, اعتمدت الحركة سياسة حقيقية إزاء اللاجئين والأشخاص المهجرين.

وهذا الاهتمام الذي تبديه الحركة في هذا الشأن قديم العهد, غير أن المؤتمر الدولي الرابع والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي انعقد في سنة 1981 في مانيلا حدد دوره بكل وضوح وللمرة الأولى, عندما اعتمد قراراً ومنهجاً يتضمن عشر نقاط (القرار الحادي والعشرين والمرفق).  ومن بين الجوانب التي تطرق لها المؤتمر, ينبغي أن نتذكر خاصة النداء العام الذي وجه للحركة لكي تسعف اللاجئين والأشخاص المهجرين والعائدين إلى أوطانهم.  وعلاوة على ذلك , وضح المؤتمر أنه ينبغي ممارسة أي عمل مع مراعاة المبادئ الأساسية للحركة مراعاة تامة.

ويطلب أيضاً إلى المؤسسات الأعضاء في الحركة أن تتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المؤسسات والمنظمات التي تعمل لمصلحة اللاجئين.  ولهذا الغرض, من المرتقب إجراء مشاورات مع المفوضية المذكورة, وتنسيق الأنشطة معها, لضمان تكاملية الجهود.  ومن أجل السهر على تجانس عمل الحركة, ستطلع الجمعيات الوطنية للجنة الدولية و/ أو الاتحاد على مفاوضاتها التي من المنتظر أن تؤدي إلى اتفاق مع المفوضية, علماً بأنه من المحبذ إشراك اللجنة الدولية والاتحاد في المحادثات على آمل موافقتهما على شروط الاتفاق.

ويكشف هذا المنهج أيضاً ويبرز الحماية التي يمكن للجنة الدولية أن توفرها كمؤسسة محايدة ومستقلة.  وفضلاً عن ذلك, تم التشديد على الدور الذي تؤديه وكالتها المركزية للبحث عن المفقودين بغية تسهيل لم شمل العائلات وتبادل الأخبار العائلية والبحث عن المفقو دين بالتعاون مع الجمعيات الوطنية.

وقد أكد المؤتمر الدولي الخامس والعشرون الذي عُقد في جنيف سنة 1986 من جديد دور الحركة في مساعدة اللاجئين والأشخاص المهجرين والعائدين إلى أوطانهم (القرار السابع عشر),وأكد ذلك بالمثل مجلس المندوبين (42) في اجتماعه المنعقد في بودابست سنة 1991 (القرار التاسع) وفي برمنغهمام سنة 1993 (القرار السابع).  ويجدر التذكير في هذا الصدد بأن القرار المعتمد في برمنغهام " يدعو جميع عناصر الحركة إلى مواصلة العمل بكل حمية, وفقاً لاختصاصات كل منها, لمساعدة اللاجئين وأصحاب طلبات اللجوء والأشخاص المهجرين والعائدين إلى أوطانهم " .

ويرتكز عمل الحركة الرامي إلى مساعدة الأهالي المهجرين على الخصائص المميزة لعناصرها, إذ أن احترام دور كل منها باستلهام روح التكامل يمثل أفضل ضمان للعمل الناجع.  ويوفر النظام الأساسي للحركة والاتفاق المبرم سنة 1989 بين اللجنة الدولية والرابطة (التي تطلق عليها حالياً اسم الاتحاد) الإطار العام لمختلف الأنشطة.  ويجري توزيع المهمات بصفة عامة على النحو التالي:

  • تتولى اللجنة الدولية إدارة العمليات (43) في الحالات التي ينشب فيها نزاع مسلح وعندما يستدعى الأمر وجود مؤسسة محايدة ومستقلة على وجه التحديد;

  • يتولى الاتحاد في حالات السلم تنسيق عمليات الإغاثة التي تقوم بها الجمعيات الوطنية إثر وقوع كارثة خطيرة (44).

وفي الوقت الراهن , وضعت جمعيات وطنية عديدة برامج مهمة لمساعدة اللاجئين والأشخاص المهجرين والعائدين إلى أوطانهم, بمساندة الاتحاد في الغالب.  ويتصرف العديد من الجمعيات الوطنية والاتحاد كوكلاء ميدانيين لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين, بل لوكالات الأمم المتحدة الأخرى.  ويجب أن يسترشد هذا التعاون بالمبادئ الأساسية للحركة, خاصة أن العمل المحايد وغير المتحيز يتعرض لمخاطر التسييس في عالم اليوم.

     

  7-  بعض التحديات الحالية  

     

إن إشكالية تهجير السكان; سواء تعلق الأمر باللاجئين أو بالأشخاص المهجرين داخل بلدانهم, تمثل تحدياً خطيراً للمجتمع الدولي.  وسنتناول هنا بالبحث بعض الجوانب المتعلقة بالأشخاص المهجرين (45).

ويجدر بنا أن ننوه أولاً بالبحث المهم الذي أعده فرانسيس دنغ (Francis Deng) , ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المعني بشؤون الأشخاص المهجرين (46).  وقد شارك أيضاً في دراسة شؤون الأشخاص المهجرين لجنة حقـوق الإنسان وإدارة الأمـم المتحدة للشؤون الإنسانية (47), ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومركز حقوق الإنسان, علاوة على العديد من المنظمات غير الحكومية التي كلف فرانسيس دنغ (M. Deng) البعض منها بإمعان النظر في بعض الجوانب القانونية (48) والمؤسسية (49) لظاهرة الأشخاص المهجرين.  وأسهم عدد كبير من الدول أيضاً في هذه الجهود .  ونظراً إلى الأهمية التي تعيرها اللجنة الدولية لهذه المسألة , فإنها شاركت بنشاط في هذه المناقشات , لا سيما بالحوار مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة (50).

ومن المهم أن يفكر المجتمع الدولي في إيجاد حل لإشكالية الأشخاص المهجرين المتنامية الصعوبة, ويتعين علينا أن نرحب بالجهود الرامية حالياً إلى الإحساس بخطورتها, لأنه يعود إليها الفضل في لفت الانتباه إلى مشكلة إنسانية خطيرة .  وسنقدم فيما يلي بعض التعليقات المتعلقة بما يدور حوله التفكير حالياً.

هناك أولا مسألة تحسين العمل الإنساني الموجه لخدمة الأشخاص المهجرين.  ونظراً إلى ضخامة أعداد واحتياجات العاملين في المجال الإنساني, وخاصة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية , من الأهمية بمكان أن يسعى هؤلاء العاملون لزيادة أواصر التعاون فيما بينهم على أساس تكاملي ومع مراعاة اختصاصات كل منهم.  ومن الضروري أيضا أن يكون بالإمكان تطوير العمل الإنساني بعيداً عن الاعتبارات السياسية والعسكرية, إذا أريد له أن يظل محايداً وغير متحيز حقاً.  ولن يكون بالإمكان الوصول إلى جميع الضحايا (51) وتلبية احتياجاتهم إلا إذا تحقق هذا الشرط.  ومن المهم أيضا أن تدرك الدول حدود العمل الإنساني الذي, وإن كان لا غنى عنه,

إلا أنه حل مؤقت لمشكلات لا يمكن حلها إلا من الناحية السياسية, وبمساعدة المجتمع الدولي عند الضرورة.

وهناك ثانياً مسألة احتمال تطوير القانون.  وهذه المسألة حساسة , لأن القانون الحالي الذي يتضمن قواعد عديدة ربما يصيبه الوهن إذا ابتدعت قواعد جديدة , أي اتفاقية مخصصة للأشخاص المهجرين مثلاً.  وينبغي أن نتساءل أيضاً إذا كان من المناسب إعداد قواعد جديدة تتعلق بمسألة حماية الأشخاص المهجرين لا غير.  فقد يؤدي ذلك على أحد أشكال المعاملة التمييزية بالمقارنة بغيرهم من الضحايا الذين يستحقون الحماية بالمثل.  ولذلك, فمن المفضل اتباع النهج التقليدي للقانون الإنساني الذي يستند إلى الاحتياجات التي تخلقها حالة ما (نزاع مسلح) بدلا من اتباع نهج قطاعي يستهدف فئات محددة من الأشخاص في جميع الأحوال.

وعوضاً عن ذلك, يجب الدفاع عن الاقتراحات الرامية إلى إعادة تأكيد بعض المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الإنساني وحقوق الإنسان بغرض تحسين حماية الأشخاص المهجرين, وشرط الحفاظ على القانون الحالي وضمان عدم إضعافه (تحدث البعض عن مجموعة من المبادئ أو مدونة قواعد سلوك أو إعلان). ولا جدال في أن القانون الحالي ربما لا يوفر دائما في الحالات التي لا يشملها القانون الدولي الإنساني أقصى الحماية للسكان المدنيين,وبالتالي للأشخاص المهجرين, بالرغم من أن حق مخالفة بعض حقوق الإنسان مقيد في حالات الخطر العام الاستثنائي .  وتجدر الملاحظة هنا أن " إعلان توركو " يشير في مادته السابعة إلى حالات تهجير السكان.

ومع ذلك, ينبغي عموماً أن تتركز جهود المجتمع الدولي قبل كل شئ على أن ينفذ جميع المتحاربين القانون الدولي الإنساني تنفيذاً أفضل, مما سوف يسهم في تخفيض عدد الأشخاص المهجرين واللاجئين (52) أيضاً إلى حد كبير.

 

  الحواشـــــي  

 

(1)  تتكون الحركة الدولية , بالإضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من 163 جمعية وطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر, ومن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (والمشار إليه في النص بكلمة الاتحاد).

(2)  ننصح القارئ الراغب في استقصاء هذه المسألة بالاطلاع على :

Hans-peter Gasser, le dr-it internati- nal humanitaire, in: hans Haug, Humanite p-ur t-us, Institut Herny Dunant / Paul Haupt, berne, 1993P Frits Kalsh-ven, restricati-ns a la c-nduite de la gwere, CICR, Geneve, 1991.

(3)  عدد الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في 31 مارس/ آذار 1995: 185 دولة

(4)  عدد الدول الأطراف في البرتوكول الأول : 137 دولة , وفي البرتوكول الثاني: 127 دولة, في 31 مارس/ آذار 1995.

(5)  تتضمن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف مبادئ أساسية عديدة تعتبر قابلة للتطبيق في كل الحالات التي نشب فيها نزاع مسلح, وتمثل هذه المادة في حد ذاتها " اتفاقية مصغرة " .  أما البرتوكول الثاني, فإن مجال تطبيقه أكثر صرامة من مجال تطبيق المادة الثالثة المشتركة, إذ يجب أن تمارس المعارضة المسلحة سيطرتها على جزء من الأراضي بحيث يمكن لها أن تقوم " بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة " .

(6)  نص المادة الأولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف هو على النحو التالي: " تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال " .  راجع أيضاً المادة 89 من البرتوكول الأول, التي تتعهد الدول بمقتضاها " (..) بأن تعمل (...) في حالات الخرق الجسيم (...) بالتعاون مع الأمم المتحدة (....) " .

(7)  يتعلق الأمر هنا بمبدأ الولاية القضائية العالمية.  أما المخالفات الجسيمة (جرائم الحرب), فإنها معرفة في كل اتفاقية من اتفاقيات جنيف الأربع (المادة 50 من الاتفاقية الأولى, والمادة 51 من الاتفاقية الثانية , والمادة 130 من الاتفاقية الثالثة , والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة ), وكذلك في البرتوكول الأول (المادة 85).

(8)  يطلق على هذا الإعلان أيضاً اسم " إعلان توركوا " .  ويرد نصه في المجلة الدولية للصليب الأحمر ,العدد 19, مايو/أيار – يونيه/ حزيران 1991, الصفحات 261-266.

(9)  المادة 5 (2) (ج) من النظام الأساسي للحركة, الذي نقحه المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في سنة 1986.  وتجدر الملاحظة هنا بأن الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف تشارك في هذه المؤتمرات الدولية بحكم القانون, وأنها بمشاركتها في اعتماد النظام الأساسي قد عبرت عن رغبتها في تكليف مختلف المؤسسات الأعضاء في الحركة بأداء مهمات محددة.

(10)  تندد اللجنة الدولية بالانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني إذا ذهبت كل مساعيها هدراً وكان التنديد في مصلحة الضحايا.  راجع " مساعي اللجنة الدولية في حالة مخالفة القانون الدولي الإنساني " , في المجلة الدولية للصليب الأحمر , العدد 728 , مارس/آذار – أبريل / نيسان 1981, الصفحة 97 وما يليها (الطبعة الفرنسية).

(11)  المادة 126 من الاتفاقية الثالثة والمادة 143 من الاتفاقية الرابعة.  وتنص أحكام هاتين المادتين على شروط الزيارات التالية: زيارة جميع الأشخاص المحميين, وبالحق في التحدث معهم بدون رقيب, والحق في تكرار الزيارات.

(12)  المادة 9 من الاتفاقيات الأولى والثانية والثالثة, والمادة 10 من الاتفاقية الرابعة, والمادة 81 من البرتوكول الأول.  وبالنسبة إلى النزاعات المسلحة غير الدولية: المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع.

(13)  المادة 10 من الاتفاقيات الأولى والثانية والثالثة , والمادة 11 من الاتفاقية الرابعة, والمادة 5 من البرتوكول الأول.  وتستند اللجنة الدولية عملياً إلى حقها في اتخاذ المبادرة .

(14)  المادة 5 (2) (د) من النظام الأساسي للحركة.

(15)  للاطلاع على شروح تفصيلية في هذا الشأن, راجع ماريون هاروف – تافل " الإجراءات التي تتخذها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إزاء ارتكاب أعمال العنف داخل البلاد, المجلة الدولية للصليب الأحمر , العدد 31 , مايو/أيار – يونيه/ حزيران 1993, الصفحات 162-187.

(16)  يسترشد عمل الحركة بالمبادئ الأساسية الآتية : الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلال والطوعية والوحدة والعالمية.

(17)  المادة 5 (2) (د) من النظام الأساسي للحركة.  وتستهدف الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين خاصة إقامة وصون الصلة بين أفراد العائلات المشتتة من جراء نزاع أو اضطرابات, وذلك جمع شملهم.

(18)  المادة 5 (3) من النظام الأساسي للحركة.

(19)  القرار 45/6 الصادر في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1990.  راجع المجلة الدولية للصليب الأحمر ,العدد 16, نوفمبر/ تشرين الثاني – ديسمبر/ كانون الأول 1990 , الصفحات 545 – 550.

(20)  تنص اتفاقات المقر خاصة على الحصانة القضائية وحرمة مكاتب العمل والمحفوظات.  ويت متع عادة مندوبو اللجنة الدولية بالحصانة الدبلوماسية.

(21)  المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة بالوضع القانوني للاجئين, والمؤرخة في 28 يوليه, تموز 1951, والمادة الأولى من البرتوكول الخاص بالوضع القانوني للاجئين, والمؤرخ في 31 يناير / كانون الثاني 1967.  وقد توسع مجال هذا التعريف بموجب اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية, التي صدرت في 10 سبتمبر / أيلول 1969, وتنظم الجوانب الخاصة بمشكلات اللاجئين في أفريقيا, وتشمل خاصة الأشخاص الفارين من نزاع مسلح أو اضطرابات.

(22)  هذه الحالات الشائعة ومثال ذلك حالات اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران, واللاجئين العراقيين في إيران أثناء حرب الخليج الأولى, واللاجئين والروانديين في زائير وبوروندي وتنزانيا.

(23)  راجع فرانسواز كريل " أعمال اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل اللاجئين " المجلة الدولية للصليب الأحمر , العدد 2 يوليه/تموز – أغسطس / آب 1988, الصفحات 120 – 133.

(24)  إبان النزاع الذي نشب بين العراق وإيران, اهتمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً باللاجئين الإيرانيين المتواجدين في العراق, وتحملت مسؤولية إعادة توطينهم في بعض البلدان الأجنبية.  وعقب حرب الخليج الثانية, زار مندوبو اللجنة الدولية أيضا ما يزيد على عشرين ألف عراقي محتجز في معسكر رفحه في المملكة العربية السعودية, وكانت أنشطة اللجنة الدولية ومفوضية الأمم المتحدة  لشؤون اللاجئين متكاملة.

(25)  تدخلت اللجنة الدولية مراراً خلال المرحلة الأولى لوصول اللاجئين , فاهتمت مثلا بمصير اللاجئين العراقيين الأكراد في إيران في نهاية حرب الخليج الثانية (سنة 1991), واللاجئين الروانديين في جوما )زائير) ونيجارا (تنزانيا) سنة 1994.  وفي غياب مفوضية الأمم المتحدة اهتمت بمصير اللاجئين الموزامبيقيين في جنوب أفريقيا

(26)  على سبيل المثال مستشفيات للعناية باللاجئين الأفغان في بيشاور وكيتا ( في باكستان), وللعناية باللاجئين الكمبوديين في تايلند.

(27)  أنجزت اللجنة الدولية مثلا عملية واسعة النطاق لمساعدة اللاجئين الكمبوديين المتواجدين على الحدود الفاصلة بين تايلند وكمبوديا.  راجع:

Rende k-sirnik, " dr-it internati-nal humnaitarie et pr-tecti-n des camps de refugies " , in: Etudes et essays sur le dr-it internatinal humnaitaire et sur les principes de la Cr-ix-r-uge, en l'h-nneur de jean pictet, CICR, geneva, martinus Nijh-ff Publisheres, La Haye, 1984, p. 387 ss.

28)  أشرفت اللجنة الدولية مع ذلك على عمليات مهمة تتعلق بالإعادة إلى الوطن, لا سيما لأسرى الحرب منذ فترة قريبة بين العراق وإيران (نحو 79 آلف أسير في سنة 1990) وبين المملكة العربية السعودية والعراق (نحو 80 ألف أسير في سنة 1991).  كما أنها تأكدت من رغبة كل أسير حرب في العودة إلى وطنه.

29)  أبدت اللجنة الدولية انشغالها خاصة بإعادة اللاجئين إلى أوطانهم في أفغانستان وكمبوديا وكرواتيا والبوسنة والهرسك ورواندا.  وفيما يتعلق بكمبوديا , راجع مذكرة اللجنة الدولية الصادرة في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1990 والواردة جزئيا في مقال فردريك موريس وجان دي كورتن " أعمال اللجنة لمساعدة اللاجئين والنازحين المدنيين "   المجلة الدولية للصليب الأحمر ,العدد 17, يناير/ كانون الثاني – فبراير/ شباط 1991, الصفحة 8 وما يليها.

30)  المادة 49 من الاتفاقية الرابعة.  ويجوز لدولة الاحتلال بصفة استثنائية " أن تقوم بإخلاء كلي أو جزئي لمنطقة محتلة معينة, إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية " .  ومع ذلك, " يجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع " .

31)  راجع مقال دنيز بلاتنر " حماية الأشخاص المهجرين في المنازعات المسلحة غير الدولية " , المجلة الدولية للصليب الأحمر, العدد 28 , نوفمبر/ تشرين الثاني – ديسمبر/كانون الأول 1992, الصفحة 447 وما يليها.

32)  المادة 18 (2) من البرتوكول الثاني.  وإذا كانت هذه الشروط متوفرة, فإنه يتعين على الدولة المعنية أن تمنح موافقتها من حيث المبدأ.  راجع:

Denise Plattner, " L'assistance a la p-pulati-n civile dans le dr-it internati-nal humanitaire: év-luti-n et actualité " . in Revue internati-nal de la Cr-ix-R-uge, N'795, mai-juin 1992, p. 259 ss.

33)  قد تلحق أضرار جانبية أو عرضية بالسكان المدنيين.  راجع المادة 51 (5) والمادة 57 (2) من البرتوكول الأو ل .  إن الهجمات محظورة أو يجب وقفها إن كانت الخسائر في أرواح السكان المدنيين مفرطة بالمقارنة بالمزايا العسكرية الملموسة والمباشرة المرتقبة (مبدأ التناسب).

34)  راجع مقال فردريك موريس وجان دي كورتن " أعمال اللجنة الدولية لمساعدة اللاجئين والنازحين المدنيين " (المرجع السابق ذكره).

35)  راجع مقال ماريون هاروف – تافل " الإجراءات التي تتخذها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إزاء ارتكاب أعمال العنف داخل البلاد " المرجع السابق ذكره).

36)  الغرض من هذه الزيارات هو التحقق من شروط الاعتقال ومعاملة المعتقلين.  وقد زارت اللجنة الدولية في سنة 1994 ما يزيد على 99 ألف معتقل في 2470 معتقلا في 58 بلداً.

37)  في سنة 1994, وزعت اللجنة الدولية 167 آلف طن من المساعدات المختلفة في 45 بلاداً.

38)  في سنة 1994, أشرفت الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين خاصة على تبادل 7721650 رسالة بين أفراد العائلات المشتتة.

39)  راجع:

Jean-Luc bl-ndel, " L'assistance aux pers-nnes pr-tégées " , in revue internati-nale de la cr-ix-r-uge, N` 767, septembre--ct-bre 1987, p. 471 ss.

40)  إن المعونات المادية التي تقدمها اللجنة الدولية, لا سيما الأغذية والإصلاحات الزراعية, تُمنح أيضاً للفئات الضعيفة بوجه خاص من بين الأهالي المقيمين في أراضيهم, كما تمنح بانتظام للأهالي المعادين من الخارج إلى أوطانهم.  وفي رواندا, تباشر اللجنة الدولية أيضا الأنشطة التالية: زيارة الأشخاص المحرومين من الحرية, وإعادة الاتصالات العائلية, وعلى الأخص تسجيل الأطفال المعزولين عن والديهم, وإصلاح نظام شبكات توزيع مياه الشرب, وإعداد برامج  طبية أساسية.

41)  بالنسبة إلى حماية المدنيين, راجع المادة 14 من الاتفاقية الرابعة ( " مناطق ومواقع الاستشفاء والأمان " ) , والمادة 15 من الاتفاقية الرابعة ( " المناطق المحيّدِة " ) , والمادة 59 من البروتوكول الأول ( " المواقع المجردة من وسائل الدفاع " ), والمادة 60 من البرتوكول الأول ( " المناطق منزوعة السلاح). ولتكوين فكرة مفصلة عن هذه المسألة , راجع : Yves Sand-z, " The Est ablishment -f safety z-nes f-r pers-ns displaced within their c-unty -f -rigin:  (محاضرة ألقيت في مؤتمر بشأن المسائل القانونية الدولية, والذي عقد في إطار عقد الأمم المتحدة للقانون الدولي , في الدوحة في قطر, من 22 إلى 25 مارس/آذار 1994.

42)  مجلس المندوبين هو الجهاز النظامي الذي يجتمع فيه ممثلو جميع عناصر الحركة لمناقشة المسائل التي تهم مجموع الحركة.

43)  المادة 5 (4) من النظام الأساسي للحركة, والمادتان 18 و 20 من اتفاق سنة 1989.

44)  المادة 19 من اتفاق سنة 1989.

45)  يقدر عدد الأشخاص المهجرين بما يعادل 25 مليون شخص أو أكثر, على الرغم من أن مفهوم الشخص المهجر لم يتحدد بكل وضوح.  ففي الواقع, قد ترجع أسباب التهجير إلى عوامل مختلفة للغاية, ومثال ذلك النزاعات المسلحة والاضطرابات وأعمال القمع والكوارث الطبيعية والأحوال الاجتماعية الاقتصادية وإنشاء البني الأساسية كالسدود الكهربائية المائية إلخ.

46)  راجع على الأخص تقريره الأخير الذي عرضه على لجنة حقوق الإنسان في 2 فبراير/ شباط 1995  (Ref. E/CN.4/1995/50) 

47)  ألفت إدارة الشؤون الإنسانية مجموعة عمل مشتركة بين الوكالات ومعنية بالأشخاص المهجرين.

48)  معهد (Ludwig B-ltzmann ) لحقوق الإنسان (النمسا) , والجمعية الأمريكية للقانون الدولية,والفريق المعني بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.

49)  الفريق المعني بسياسة اللجوء (الولايات المتحدة ) والمجلس النرويجي المعني باللجوء (النرويج).

50)  راجع رد اللجنة الدولية على السيد دنغ (F.Deng)  المؤرخ في نوفمبر/ تشرين الثاني 1992  والوارد نصه في هذا العدد من المجلة.

51)  راجع ( مدونة قواعد سلوك الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات غير الحكومية إبان مباشرة عمليات الإغاثة في حالات الكوارث).

52)  بغية تحسين احترام القانون الإنساني,  نظمت الحكومة السويسرية المؤتمر الدولي لحماية ضحايا الحرب في سنة 1993, بناء على مبادرة من اللجنة الدولية.  وسيتطرق أيضا المؤتمر الدولي القادم للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمرتقب عقده في جنيف في ديسمبر/ كانون الأول 1995 إلى دراس ة التدابير الواجب اتخاذها لضمان احترام القانون الدولي الإنساني على وجه أفضل.