تاريخ الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر

15-07-2002

  المحتويات:         الوكالة من عام 1870 إلى 1914      |          الأنشطة خلال الحرب العالمية الأولى      |          الأنشطة خلال الحرب الأهلية في أسبانيا      |          الأنشطة خلال الحرب العالمية الثانية    
         
   

الوكالة من عام 1870 إلى 1914 
   

    ref. HIST-01816/27 
 

يرجع تاريخ إنشاء الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين إلى الحرب الفرنسية البروسية عام 1870. ففي هذه الحرب, تم تخصيص قطعة من الأرض بمدينة بازل على الحدود السويسرية لاستقبال المصابين من كلا الجانبين وعلاجهم. وقد لاحظ أحد الأطباء المشرفين على علاج الجنود معاناة معظمهم بسبب جهل عائلاتهم بمصيرهم وبما إذا كانوا قد قتلوا أو أسروا.

وسرعان ما أدرك ممثلو اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه لا غنى عن إنشاء ما يشبه مكاتب المعلومات في وقت الحرب على أرض محايدة إذ لا يقتصر ضحايا الحرب على المرضى أو الجرحى أو المتضورين جوعا, فهناك أيضا الأسرى الواقعون في قبضة العدو والذين انفصلوا عن عائلاتهم ويعانون نفسيا بسبب ذلك. 

وقد بات واضحا ارتفاع معنويات الأسرى عند نجاحهم في إرسال خطابات لعائلاتهم. وبالتالي اتخذ مكتب المعلومات التابع للوكالة الدولية لإغاثة الجرحى والمرضى من الجنود في بازل خطوة أخرى بنقل قوائم أسرى الحرب التي يقدمها المتحاربون.

وللمرة الأول في التاريخ, تمكن أقارب الأسرى من معرفة مصير أبنائهم وآبائهم وإخوانهم سواء كانوا على قيد الحياة أو محتجزين لدى العدو.

ولم تكن اتفاقية جنيف لعام 1864 قد أوردت نصا بالنسبة للأسرى المعافين, وقد كانت هذه الخطوة التاريخية الأولى في سلسلة طويلة من التدابير التي اتخذت نيابة عنهم.

وبعد مرور سبعة أعوام, حصل ضحايا الحرب التركية الروسية لعام 1877 على عون مماثل إذ فتح لهم مكتب للبحث عن المفقودين ف ي تريستي.

كذلك كان النزاع في البلقان هو المرة الأولى التي تواجه فيها اللجنة الدولية المعوقات الناتجة عن اختلاف اللغة والألفاظ. وهكذا وظفت اللجنة الدولية أفرادا حسب ما اقتضت الضرورة لفك شفرة المعلومات وترجمة البيانات الخاصة بالأسرى من الصرب واليونان وتركيا وبلغاريا. 

 
   
الأنشطة خلال الحرب العالمية الأولى 
   

    ref. HIST-01172 
 

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في 1914, أسست اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوكالة الدولية لأسرى الحرب طبقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907.

ولم تنص الاتفاقية صراحة على أن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتنظيم هذه الوكالة, ولكن خبرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الفريدة التي اكتسبتها أثناء الحروب السابقة قد جعلت منها المنظمة المثلى للقيام بذلك. وإضافة إلى ذلك, فقد أوكل الصليب الأحمر الدولي في مؤتمره العالمي المنعقد في واشنطن في 1912 اللجنة الدولية الاضطلاع رسميا بهذه المهمة في حالة نشوب أية حروب في المستقبل.

ومع اندلاع الأعمال العدائية, تولى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر شخصياً مهمة تأسيس الوكالة وتولوا جميع المراسلات بأنفسهم, ولم يكن لديهم أدنى فكرة أن الحروب ستنتشر على نطاق واسع على هذا النحو وأنهم سيحتاجون قريبا إلى استخدام المزيد من العاملين.

وبعد نشوب أولى المعارك الكبرى بين فرنسا وبلجيكا, استقبلت اللج نة الدولية للصليب الأحمر ما يقرب من 30 ألف خطاب يوميا في المتوسط. وفي سبتمبر/أيلول 1914, بلغ عدد العاملين في الوكالة مائتي موظف, وبعد ذلك بعدة شهور, زاد عدد العاملين ستة أضعاف لمواكبة الرسائل العائلية وطلبات البحث عن المفقودين التي كانت تتدفق على مكاتب الوكالة.

وفي الفترة من 1914 إلى 1918, وصلت ملايين الرسائل إلى الوكالة, وقد زارها أيضا حوالي 120 ألف فرد لتوضيح بعض النقاط التي تضمنتها طلبات البحث التي تقدموا بها ولتقديم مزيد من المعلومات.

ومع نهاية الحرب, كانت الوكالة قد فتحت سبعة ملايين ملف كما أرسلت طرودا عائلية لأسرى الحرب والمدنيين المحاصرين في الأراضي المحتلة ونظمت عملية إعادة الضحايا إلى أوطانهم. 

وعلى الرغم من كبر حجم المعوقات الإدارية, فقد تحقق المسعى الإنساني الهائل. وتمثلت مكونات النجاح في التنظيم المثالي للوكالة والتعاون النموذجي مع جمعيات الصليب الأحمر الوطنية ومنظمات الإغاثة والمنظمات شبه الرسمية, بالإضافة إلى الاتصال بقادة المعسكرات التي تضم أسرى الحرب وبأسرى الحرب أنفسهم.

وعلى الرغم من إحياء السلم فما زال عمل الوكالة مستمرا إذ تشرد عدد لا يحصى من المدنيين مع إعادة ترسيم خريطة أوروبا, كما استمرت النزاعات الإقليمية مثل الحرب التركية اليونانية والحرب الأهلية في أسبانيا في استخدام خدمات الوكالة. عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في 1914, أسست اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوكالة الدولية لأسرى الحرب طبقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907.

ولم تنص الاتفاقية صراحة على أن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتنظيم هذه الوكالة, ولكن خبرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الفريدة التي اكتسبتها أثناء الحروب السابقة قد جعلت منها المنظمة المثلى للقيام بذلك. وإضافة إلى ذلك, فقد أوكل الصليب الأحمر الدولي في مؤتمره العالمي المنعقد في واشنطن في 1912 اللجنة الدولية الاضطلاع رسميا بهذه المهمة في حالة نشوب أية حروب في المستقبل.

ومع اندلاع الأعمال العدائية, تولى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر شخصياً مهمة تأسيس الوكالة وتولوا جميع المراسلات بأنفسهم, ولم يكن لديهم أدنى فكرة أن الحروب ستنتشر على نطاق واسع على هذا النحو وأنهم سيحتاجون قريبا إلى استخدام المزيد من العاملين.

وبعد نشوب أولى المعارك الكبرى بين فرنسا وبلجيكا, استقبلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ما يقرب من 30 ألف خطاب يوميا في المتوسط. وفي سبتمبر/أيلول 1914, بلغ عدد العاملين في الوكالة مائتي موظف, وبعد ذلك بعدة شهور, زاد عدد العاملين ستة أضعاف لمواكبة الرسائل العائلية وطلبات البحث عن المفقودين التي كانت تتدفق على مكاتب الوكالة.

وفي الفترة من 1914 إلى 1918, وصلت ملايين الرسائل إلى الوكالة, وقد زارها أيضا حوالي 120 ألف فرد لتوضيح بعض النقاط التي تضمنتها طلبات البحث التي تقدموا بها ولتقديم مزيد من المعلومات.

ومع نهاية الحرب, كانت الوكالة قد فتحت سبعة ملايين ملف كما أرسلت طرودا عائلية لأسرى الحرب والمدنيين المحاصرين في الأراضي المحتلة ونظمت عملية إعادة الضحايا إلى أوطانهم. 

وعلى الرغم من كبر حجم المعوقات الإدارية, فقد تحقق المسعى الإنساني الهائل. وتمثلت مكونات النجاح في التنظيم المثالي للوكالة والتعاون النموذجي مع جمعيات الصليب الأحمر الوطنية ومنظمات الإغاثة والمنظمات شبه الرسمية, بالإضافة إلى الاتصال بقادة المعسكرات التي تضم أسرى الحرب وبأسرى الحرب أنفسهم.

وعلى الرغم من إحياء السلم فما زال عمل الوكالة مستمرا إذ تشرد عدد لا يحصى من المدنيين مع إعادة ترسيم خريطة أوروبا, كما استمرت النزاعات الإقليمية مثل الحرب التركية اليونانية والحرب الأهلية في أسبانيا في استخدام خدمات الوكالة.

 
   
الأنشطة خلال الحرب الأهلية في أسبانيا 
 

عادة ما تطلق الحروب الأهلية أمواجا من الكراهية, ولم تكن الحرب الأهلية الأسبانية التي اندلعت في 1946 استثناءًا في هذا الصدد. فقد خلفت المصادمات الأولى القليل من الأسرى حيث أعدم معظمهم في الحال أو أجبروا على الانضمام لجيش العدو.

وشكلت الحرب الأهلية الأسبانية مرحلة أخرى من عمل الوكالة, فلأول مرة قام مندوبو اللجنة الدولية بأعمال البحث عن المفقودين في الميدان. وقد أصبحت هذه من الأعمال المعتادة في مثل هذه الحالات, مثل النزاع في لبنان والنزاع في السلفادور.

وفي أسبانيا, لم توافق أي من الحكومتين المتناحرتين على عرض اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتأسيس مكتب للمعلومات لتبادل المعلومات والتفاصيل الخاصة بأسرى الحرب. ومع ذلك مرر الجانبان بعض القوائم ولكن الهدف منها كان تبادل الأسرى لا غير.

وخلال النزاع, حصلت الوكالة على معلوماتها من مصادر غير مباشرة (مديري السجون وقادة المعسكرات والإدارات العسكرية والمدنية والأسرى أنفسهم). وعلى عكس النزاعات الماضية, بدأ المندوبون في البحث عن المقاتلين المفقودين والمدنيين وفي تبادل الخدمات البريدية.

ولم يعترض أي من الطرفين في أي وقت على عمل اللجنة الدولية على الرغم من حقيقة عدم وجود أساس قانوني يخول اللجنة من القيام بذلك لأن اتفاقيتي جنيف المطبقتين في ذلك الوقت لم تشملا سوى ضحايا النزاعات المسلحة الدولية من العسكريين. 

كذلك قبلت رسائل الصليب الأحمر, التي أدخلت اللجنة الدولية العمل بها أثناء الحرب العالمية الأولى على نطاق واسع في أسبانيا كوسيلة للاتصال بين الأسرى وعائلاتهم ومع من تفرقوا عنهم من أقارب يقطنون في مناطق مختلفة.

وكان فرع خدمات الوكالة الأسباني, الذي فتح ما يقرب من 30 ألف ملف أثناء الحرب, ما زال ينظر في العديد من طلبات البحث عن المفقودين الخاصة بالحرب الأهلية الأسبانية في الوقت الذي بدأ الوضع السياسي في أوروبا يتدهور مرة أخرى من جديد.

 
   
الأنشطة خلال الحرب العالمية الثانية 
 

بعد عام من انطلاق أولى طلقات الحرب العالمية الثانية, كانت اللجنة الدولية قد أنشأت " لجنة لأعمال الحرب " لتمهيد الطريق لاستئناف أنشطة البحث عن المفقودين على نطاق واسع. اجتمعت اللجنة 25 مرة قبل اندلاع الحرب, وبحلول يناير/ كانون الثاني 1939, كانت 30 وكالة " للمحاربين القدامى " في حرب 1914-1918 قد تطوعت للعمل متى دعت الحاجة. 

افتتحت الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين رسميا في سبتمبر/أيلول 1939 بعد غزو بولندا. ويمكن قياس ضخامة المهمة التي كان على الوكالة أن تواجهها بحقيقة أن القوات الألمانية والسوفيتية ألقت القبض على 600 ألف من القوات البولندية في الأسابيع الأولى فقط من الحرب.

ومع بداية العمليات العدائية, أعلمت اللجنة الدولية رسميا جميع الأطراف المتحاربة بوجود الوكالة وذكرتها بواجبها بمقتضى اتفاقية جنيف لعام 1929 بأن تفتح مكاتب وطنية للمعلومات, لتكون على اتصال بالوكالة بشأن الشؤون المتعلقة بأسرى الحرب ولتبادل قوائم الأسماء والرسائل وأخبار الأفراد.

وإذ واجهت موقفًا غير مسبوق, زودت اللجنة الدولية الوكالة المركزية لأسرى الحرب بأكثر وسائل الاتصال حداثة والمواد المكتبية المتاحة في هذا الوقت من ماكينات تصوير وحاسبات للإحصاءات وغير ذلك. وكان استخدام مثل هذه الأدوات في تلك الفترة ثورة مثلها مثل ثورة الحاسب الآلي في يومنا هذا.

وقد ساعدت هذه الأدوات 4000 من موظفي الوكالة, في جنيف ومناطق أخرى بسويسرا, على المواءمة بين هذه الحقائق التي تصل إليها من الميدان ومعسكرات أسرى الحرب والخطابات اليائسة التي ترسلها الأمهات والزوجات والأطفال. وفي بعض الحالات تعاملت الوكالة وأقسامها الستة والعشرون مع ما يربو على 100 ألف بند من البريد يوميا.

وبحلول عام 1940, كانت الوكالة قد أقنعت تقريبا جميع أطراف النزاع باستخدام بطاقات أسر الصليب الأحمر. ولم تحل هذه البطاقات محل القوائم الرسمية التي ترسلها قوات الاحتجاز, إلا أن الأخطاء الواردة فيها كانت أقل بكثير لأنها كانت تملأ بمعرفة الأسرى أنفسهم خاصة وأن القوائم الرسمية كان يكتبها أشخاص لا يتحدثون لغة الأسرى.

كما كانت هذه البطاقات تصل إلى جنيف قبل أسابيع من وصول القوائم الرسمية مما مكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من إعلام العائلات بشكل أسرع بإلقاء القبض على أحد أقربائها.

وخلال النزاع, تخطى عمل اللجنة الدولية أيضا حدود سويسرا, وقام مندوبوها بحوالي 11 ألف زيارة لمعسكرات أسرى الحرب والمحتجزين المدنيين. ولسوء الحظ لم تحصل الوكالة إلا على قدر قليل من المعلومات من الجبهة الشرقية. فالإتحاد السوفيتي لم يكتف بعدم التوقيع على اتفاقية جنيف لعام 1929 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب بل رفض إضافة إلى ألمانيا التوقيع على اتفاقية متبادلة حول تبادل المعلومات الخاصة بأسرى الحرب. كذلك رفض أطراف النزاع التوقيع على اتفاقية متبادلة لمد نطاق مزايا اتفاقية 1929 ليستفيد منها المدنيون في الأراضي المحتلة والمحتجزون في معسكرات الاعتقال النازية الذين حرموا أيضا من الحماية.

وعلى الرغم من ذلك, قامت الوكالة المركزية لأسرى الحرب بكل ما في وسعها لمنح ما يمكن أن تمنحه من طمأنينة لملايين من الضحايا الآخرين في الحرب العالمية الثانية, ووزعت 36 مليون طرد من طرود الصليب الأحمر, وساعدت على تبادل 120 مليون رسالة بين أسرى الحرب وعائلاتهم و23 مليون رسالة بين المدنيين في بلدان مختلفة في حالة حرب. ووفقا لأحد التقديرات, فقد لم شمل 700 ألف شخص في أوروبا وحدها مع عائلاتهم بفضل الوكالة.

ولم تع القيادة العليا لقوات التحالف حجم المأساة الكامل إلا بعد استسلام ألمانيا, فقد قضي على ملايين البشر ورحل ملايين غيرهم وأجبر ملايين آخرون على إخلاء بيوتهم أو الهروب أو على فراق عائلاتهم. وهكذا أنشئت آنذاك الخدمة الدولية للبحث عن المفقودين تحت إشراف الأمم المتحدة في أرولسن بألمانيا. في البداية كانت الخدمة الدولية تدار بواسطة إدارة الأمم المتحدة للإغاثة والتأهيل, ثم المنظمة الدولية للاجئين قبل نقل إدارتها في نهاية الأمر في 1955 إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ومهمة الخدمة الدولية تتلخص في " جمع وتصنيف وحفظ وإتاحة المعلومات المتعلقة بالألمان وغير الألمان الذين كانوا محتجزين في معسكرات الاشتراكية القومية أو معسكرات العمل الإجباري, أو لغير الألمان الذين شردوا نتيجة للحرب العالمية الثانية " (التقرير السنوي للخدمة الدولية للبحث عن المفقودين).

وحاليا تقدر الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين أنها ستتعامل مع ملايين الملفات المتخلفة لديها من الحرب العالمية الثانية حتى عام 2000 على الأقل. وفي الوقت الحالي, لا يزال 25% من عمل الوكالة يتعلق بالحالات الناشئة عن النزاع وتبعاته.