صفحة من الأرشيف: قد تحتوي على معلومات قديمة

العراق : في انتظار خطيبها المفقود منذ 22 عاماً

14-10-2003

ظلت أشواق في انتظار حبيب قلبها منذ عقدين من الزمن ... وهذه فترة طويلة جداً عليها. كان خطيبها أسير حرب في إيران. وكانت وسيلة الاتصال الوحيدة بينهما هي الرسائل التي تنقلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

  مقتطف من تقرير صحفي أجرته وكالة الصحافة الفرنسية (21 سبتمبر/أيلول 2003).  

لما كان شبان حي الكرادة في بغداد يطلبون يد أشواق قبل عشرين عاماً كانت تقول لهم إنها مخطوبة، رغم أن خطيبها فُقِد " في المعركة " أثناء الحرب ضد إيران (1980-1988).

وتوضح أشواق قائلة في بسمة مشرقة وهي جالسة في صالة بيت أسرتها: " بدأت خطوبتنا عام 1979 عندما كنت في السابعة عشرة من عمري. كان هو الرجل الذي حلمت به دائماً. كان من الصعب علي أن أحتفظ بالأمل طيلة هذه السنين، لكنني لم أرتبط بالحب بأي رجل آخر أبداً. كان لي خطيب. "

تحولت آمال هذه السيدة السُّنية البالغة واحداً وأربعين عاماً التي شاخت وهي في انتظار حبيب قلبها، إلى حقيقة في 16 مارس/آذار قبل بداية الحرب بأربعة أيام، عندما طرق باب منزلها شخص يدعى صباح، وكان متغير الشكل.

وتروي أشواق قصتها قائلة: " في البداية لم أتعرف عليه وأظن أنه لم يتعرف علي هو الآخر. كان رجلاً مختلفاً، ثم أدركت أن عقله لم يتغير. "

ظل هذا الضابط في الجيش العراقي محتجزاً في سجن إيراني منذ عام 1981، عندما وقع أسيراً في إحدى المعارك، وحتى عودته. في البداية أُعلن عنه كمفقود وظلت أسرته وخطيبته دون أخبار عنه طيلة عامين. لكن أسيراً سابقاً جاء عام 1983 ليعلن أنه شاهده في السجن.

بفضل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وخلال السنوات التي تلت تلقت خطيبته وأسرته بعض الرسائل منه وسمعت صوته على شريطين مسجلين.

وتروي أشواق قائلة: " كانت تمر أحياناً أشهر عديدة دون أن ترد علينا أخبار عنه، ولم أكن أعرف حتى على أي عنوان أراسله. "  

وابتداء من التسعينات جاءتنا أنباء عن صباح من خلال أسرى أطلق سراحهم. وأخيراً أفرج عنه في مارس/آذار الماضي، بضعة أيام قبل بداية حرب جديدة...

وذكرت خطيبته قائلة: " بعدما أمضى كل هذا الوقت في السجن لا يشكو من شيء، لا من قلة الماء ولا من انقطاع التيار الكهربائي في المدينة. إنه رجل طيب يحمد الله على بقائه قيد الحياة، ويريد العثور على أصدقائه واكتشاف بلده من جديد. "

بيد أن صباح مضطر إلى العيش مع والديه رغم سنه الخامسة والأربعين، لأنه لا يملك منزلاً وليست له مهنة ولا مال.

تتباهى أشواق فخورة بخاتم خطوبتها " الغالي " عليها ولو أنه اشتري بدولار واحد فقط من بين البضائع المعروضة على المنضدات في الشارع، وتكشف قائلة: " تنصحني والدتي بعدم الزواج من رجل فقير، لكنني أحبه حتى وإن كان لا يملك شيئاً. لقد طال انتظاري. "

ويؤكد كل من أشواق وصباح بمرارة أنه لو حدثت قصتهما عندما كان صدام حسين رئيساًُ لحصلا على سيارة ومنزل كما هو شأن جميع أسرى الحرب الذين عادوا إلى الوطن.

ويوضح الخطيبان بالقول: " لكننا لا نملك أي شيء الآن، وسنظل فقيرين... " .

استفاد صباح من السنوات التي أمضاها أسيراً فتعلم ودرس؛ ويريد الذهاب إلى كردستان العراق في شمال البلد للحصول على شهادة جامعية. وتأمل خطيبته الذهاب معه.

وكشفت أشواق قائلة: " كان هو أيضاً يعلم أنني في انتظاره. والآن بدأنا حُبَّنا من جديد ونريد الزواج. " وشرحت أنهما يعيشان كخطيبين ويتقابلان في منزل أسرتها عدة مرات في الأسبوع.

يحدوهما الأمل عند الزواج في إتمام سعادتهما بإنجاب أطفال رغم تقدم سنهما. تعرب أشواق عن ذلك مبتسمة وتقول إن شاء الله.

  حقوق الطبع محفوظة لوكالة الصحافة الفرنسية 2003