رحلة چاوان الملهِمة: من الإعاقة إلى الاندماج

رحلة چاوان الملهِمة: من الإعاقة إلى الاندماج

نروي لكم في يوم المرأة قصة (چاوان محمد) البالغة من العمر 33 عامًا، من سكان مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق. وهي مصدر إلهام لأقرانها، إذ لم تنقطع عن إعالة عائلتها، بينما تسعى دون كلل إلى تحقيق شغفها.
مقال 28 آذار/مارس 2024 العراق

الحياة المبكرة والتحديات

أصيبت (چاوان) بإعاقة ولما تتجاوز الثالثة من عمرها، وخضعت لعمليات جراحية متعددة، وخاضت رحلات علاجية. ورغم إصابتها بالشلل النصفي، استعادت قدرتها على الحركة بعد إجراء عمليات جراحية واستخدام جهاز تقويم عظام. لكن إعاقتها لم تمنعها من معاونة والدتها في الأعمال المنزلية، أو مساعدة والدها بعد اليوم الدراسي في إدارة متجر الأدوات المكتبية المملوك لعائلتها.

كان يراودها منذ نعومة أظافرها حلم بأن تصبح معلمة فنون بسبب عشقها الجارف للفنون. لكن إعاقتها أصبحت من أكبر العوائق التي حالت دون تحقيق حلمها.

Avin Yasin Mohammad/ICRC

بداية رحلتها في عالم الطهي

رغم حصولها على شهادة في علوم الحاسوب، كان العثور على فرصة عمل في هذا المجال أمرًا شديد الصعوبة. وهكذا، بدأت "چاوان" في سن الرابعة والعشرين مشروعًا للطهي مع شقيقتها الكبرى، "هيرو"، التي تعد بمثابة قدوة لها وشريكتها في مشروع الطهي. تقول "چاوان": "أحببت الطبخ منذ الطفولة. شقيقتي الكبرى، التي تكبرني بأربعة عشر عامًا، مصدر إلهام لي. فقد دربت كثيرين، وأنا منهم، على فنون الطهي ليصبحوا طهاة مهرة. وأنا مدينة لها."

بدأت الشقيقتان نشاطهما التجاري باستقبال طلبات الزبائن والطهي من المنزل، واستخدمتا منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك شبكة المعارف والأقارب للترويج لخدماتهما. فأعدتا وجبات غذائية للمدارس ورياض الأطفال والمستشفيات وللمناسبات الاجتماعية، مثل حفلات الزفاف وأعياد الميلاد وحفلات استقبال المولود.

عملت "چاوان" بعد ذلك طاهية في مدرسة خاصة لإعداد وجبات يومية لأكثر من 850 طالبًا على مدار أربعة أعوام.

وفي الربع الأخير من عام 2023، سعى مركز إعادة التأهيل البدني الذي تديره اللجنة الدولية في أربيل إلى توظيف طاهٍ في الكافيتريا، واحتفل المركز بالافتتاح الرسمي للكافتيريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حيث شغلت "چاوان" هذه الوظيفة.

خبرة في الطهي

تطهو "چاوان" تشكيلة من الأكلات المحلية، منها الأرز والمرق، والبرياني، والكفتة، والبرجر، والدولمة، فتقدم وجبات صحية غنية بالعناصر الغذائية للزبائن، تستمد مكوناتها من كل المجموعات الغذائية الأساسية.

يقول أحد زبائنها، وهو موظف باللجنة الدولية: "هي إنسانة لطيفة للغاية، ووجباتها مميزة، وبالأخص الدولمة".

يقول زبون آخر: "يلهمني شغفها بالطهي وتفانيها في في التنويع. تُعِد "چاوان" وجبات تلائم مختلف الثقافات لتلبية رغبات الزبائن. إن موهبتها في الطهي ومثابرتها برهان على قوة العزيمة في مواجهة المحنة."

أفسحت هذه الفرصة المجال لـ "چاوان" للحصول على ترخيص للطهي، فأصبح بإمكانها التوسع في خدماتها لتصل إلى جمهور أوسع من خلال تطبيقات توصيل الطعام.

مظلة من الحب والدعم للجميع

لم يوفر العمل في كافتيريا مركز إعادة التأهيل البدني في أربيل وظيفة دائمة لـ "چاوان" فحسب، وإنما مكَّنها كذلك من إيجاد فرصتي عمل لزوجها وصديقتها، وهي أيضًا من ذوي الإعاقة، ليعملا مساعدين لها.

"كان زوجي عونًا لي دائمًا. عندما بدأت عملي في كافتيريا مركز إعادة التأهيل البدني التابع للجنة الدولية، احتجت إلى من يعاونني، وهو الآن يعمل معي، ويساعدي في أعمال التنظيف بالأساس."

تزوجت "چاوان" عام 2020، وكان زوجها عاملاً في أحد المستشفيات المحلية في مدينة أربيل. "وقعنا في الحب من النظرة الأولى." تحف السعادة الزوجين الآن، وأنجبا بنتًا تبلغ من العمر عامين، اسمها "ميلي".

الإدماج الاجتماعي والأشخاص ذوو الإعاقة

لا يعاني الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبات جسدية فحسب، بل يواجهون كذلك معوقات تحول دون حصولهم على فرص مختلفة، وتجبرهم على التخلي عن طموحاتهم، والانعزال عن المشاركة المجتمعية. لذلك يعد تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة جزءًا لا يتجزأ من مهمة اللجنة الدولية، إدراكًا منها لهذه التحديات متعددة الأبعاد. ولا يقف الأمر عند تيسير خدمات إعادة التأهيل البدني، إذ إن اللجنة الدولية ملتزمة بتعزيز شمول هذه الفئة عن طريق إتاحة السبل الضرورية لإدماجها في المجتمع. يتضمن ذلك تدشين مبادرات لدعم أمور منها خلق فرص العمل، والإعانة المالية عن طريق تقديم منح نقدية للمشاريع الاقتصادية الصغيرة، ودعم الأنشطة البارالمبية. وترمي اللجنة الدولية من التصدي لهذه المعوقات الاجتماعية الواسعة، إلى إتاحة الفرصة لذوي الإعاقة ليعيشوا حياة كريمة تلبي طموحاتهم، وتتحقق فيها إمكاناتهم الكاملة.

Avin Yasin Mohammad/ICRC

إحصاءات رئيسية للفترة 1996-2024

  • قدَّم مركز إعادة التأهيل البدني في أربيل خدمات إعادة التأهيل البدني إلى 17,995 شخصًا، منهم أكثر من 8,651 شخصًا مبتور الأطراف؛ فقد ما يزيد على 60% منهم أطرافهم من جراء حالات ذات صلة بالنزاع، وبالأخص ضحايا الألغام. 
  • قدَّم مركز إعادة التأهيل البدني في أربيل إجمالاً 15,243 طرفًا اصطناعيًا، و13,974 جهاز تقويم عظام، و2,986 كرسيًا متحركًا، و10,483 وسيلة مساعدة على المشي، إلى جانب إجراء تصليحات وتعديلات على الأجهزة والوسائل المساعدة على الحركة التي تسلمها ذوو الإعاقة.
  •  
  • تدعم اللجنة الدولية حاليًا ثلاثة مراكز لإعادة التأهيل البدني في العراق: في مدينة أربيل (مركز إعادة تأهيل بدني تديره اللجنة الدولية)، ومدينتي الناصرية وبغداد (مركزان تديرهما الدولة بدعم من اللجنة الدولية).
  •