مزيونة في غرفة نومها. ابنها مسجون مدى الحياة، لكنها تحتفظ بسرير فارغ له بجوار سريرها. أصيبت قبل عدة سنوات بسكتة دماغية أفقدتها بصرها. وظلت طيلة أربع سنوات تكذب على ابنها متظاهرة بأنها تستطيع رؤيته.
مزيونة في غرفة نومها. ابنها مسجون مدى الحياة، لكنها تحتفظ بسرير فارغ له بجوار سريرها. أصيبت قبل عدة سنوات بسكتة دماغية أفقدتها بصرها. وظلت طيلة أربع سنوات تكذب على ابنها متظاهرة بأنها تستطيع رؤيته.
تقول مزيونة: "لا أستطيع رؤيته، وبالكاد أستطيع سماعه، ومع ذلك لم أفوّت زيارة قطّ. إن مجرد معرفتي أنه قريب مني يعني الكثير بالنسبة لي".
مزيونة تُخرج فساتينها الأنيقة من الخزانة وقد تخلّت عنها فهي لم تعد ترتديها. ليست قادرة على الاحتفال أو تذوق طعم الفرح.
مزيونة تغادر منزلها قبل الفجر لزيارة ابنها. تقول إنها لا يغمض لها جفن في الليلة السابقة للزيارة.
مزيونة تنتظر العبور إلى إسرائيل. يعرفها البائعون عند حاجز التفتيش جيدًا، فلطالما مرت به طيلة الأعوام الثلاثين الماضية.
في إحدى المرات، سُمح لـمزيونة بلمس ابنها والتقاط صورة معه.
لأنها الابنة الكبرى في الأسرة، تولّت مزيونة رعاية إخوتها ولم تتعلم القراءة. كلّما جاء شخص ما لزيارتها، تطلب منه قراءة رسائل ابنها بصوت مرتفع.
مزيونة في طريقها إلى السجن. تخشى لحظة انتهاء الزيارة حتى قبل وصولها.
إيمان في طريقها لزيارة زوجها في السجن. تبلغ إيمان من العمر 40 سنة، تزوجت في سن الـ 18 إلّا أنها لم تعش مع زوجها إلا عامين فقط قبل اعتقاله.
إيمان وغيرها من أقرباء معتقلين فلسطينيين يستقلون حافلة الصليب الأحمر في طريقهم إلى السجن. تُجرى سنويًا نحو 100,000 زيارة للسجون.
تعتبر زيارة السجن أهم حدث في الشهر بالنسبة لإيمان. تُعد إيمان لتلك الزيارة قبل موعدها بوقت طويل.
تقول إيمان: "أتوق ليوم الزيارة وأشعر بالفراغ بعدها. عندما يقطعون الاتصال بيننا عبر الهاتف، أواصل القرع على الفاصل الزجاجي".
تعيش إيمان الآن مع والدتها المسنة وعلى ذكرى زوجها المعتقل. تساعدها رعاية والدتها المريضة على ملء فراغ أيامها.
ليس لدى إيمان أي صور تجمعها بزوجها. تأخذ صورهما القديمة وتعدلها ببرنامج الفوتوشوب.
إيمان لديها حقيبة مليئة برسائل من زوجها، كما تحتفظ بكل ملابسه القديمة.
نساء فلسطينيات ينتظرن عند حاجز التفتيش للعبور إلى إسرائيل. قالت إيمان وهي تنظر إلى الصورة: "هذه هي حياتنا".
انقضت مدة صلاحية تصريح إيمان لدخول إسرائيل، وهي تنتظر الحصول على تصريح جديد.
فاطمة في قريتها على مشارف الخليل.
تعيش فاطمة مع حماتها منذ اعتقال زوجها.
أيقظت فاطمة بناتها من فراشهن في الخامسة صباحًا للّحاق بحافلة الصليب الأحمر التي تُقلها لزيارة زوجها المعتقل داخل إسرائيل.
يقبع نحو 6000 معتقل فلسطيني لأسباب أمنية في السجون الإسرائيلية. تكابد زوجاتهم وأمهاتهم معاناة السفر في رحلات تصل مدّتها إلى 12 ساعة لرؤيتهم مرة واحدة شهريًا لما لا يتجاوز 45 دقيقة من وراء فاصل زجاجي. وبينما يحظى المعتقلون بقدر كبير من الاهتمام، لا تلقى معاناة النساء اللاتي يزُرنهم اهتمامًا كبيرًا.
هنّ حقًا ضحايا النزاع المنسيون، فتفاصيل حياة زوجات المعتقلين الفلسطينيين وأمهاتهم مرهونة بزيارات السجون. وفي الوقت ذاته، يتعين عليهن الخوض في منظومة معقدة من التصاريح وحواجز التفتيش في الضفة الغربية المحتلة في ظل سعيهنّ للحفاظ على أواصر العلاقات بين عائلاتهن ومجتمعهن.
يحاولن خلق توازن بين زيارات السجون وحياتهن الأسرية، تعزلهنّ حواجز التفتيش عن أحبّائهن جسديًا، ويعزلهن غياب أزواجهن عنهن اجتماعيًا لأنهن يكنّ محل تمحيص وريبة من المجتمع، وتتربص بهن الشائعات.
قَسَمات يغشاها الحزن فلم يعد السرور يعرف إليها سبيلًا، هكذا بدت وجوه زوجات وأمهات المعتقلين اللاتي تحدثنا إليهن، لا يخرجن من منازلهن ولا يتنعّمن بحياة طبيعية كغيرهنّ. وسواء أكانت هذه القيود مفروضة عليهن ذاتيًا، أو هي علامة حزن على غياب أحبائهن، أو تمثل التزامًا عليهنّ أمام المجتمع، فإنها تحدّد حياة هؤلاء النساء وتخلق لديهنّ شعور مشترك بالهوية. وعلى مدار العام الماضي، رافقنا إيمان وفاطمة ومزيونة في رحلتهن.
تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تيسير الزيارات العائلية للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ عام 1968، إذ أُجريت أكثر من 3.5 ملايين زيارة حتى الآن.